يلخص كين هربرت، أخصائي الطيران لدى كاناكورد جنويتي، الأمر بقوله إن «بوينج، ولسوء حظها هي حاليًا تحت عدسة مكبرة، وهذا له ما يبرره».
فبعد الحادثين اللذين تعرضت لهما طائرتها الجديدة 737 ماكس وخلفا 346 قتيلًا في 2018 و2019، كانت شركة سياتل العملاقة محور تحقيقات عدة.
في ضوء أزمات بوينج قفزت المنافسة إيرباص للأمام، وكأنهما في كلاسيكو تقليدي يسعى كل منهما لتسجيل نقاط خلاله تضعه في خطوة متقدمة عن الآخر.
عيوب في دريملاينر
أعلنت شركة بوينج منتصف يوليو الحالي أنها رصدت عيوبًا جديدة في طائرة 787 دريملاينر طويلة المدى كانت كفيلة بتقليل معدلات الإنتاج وتأخير تسليم الطائرة، واكتشفت المجموعة عدة عيوب في التصنيع الصيف الماضي، لا سيما في هيكل الطائرة.
كما حذرت إدارة الطيران الفدرالية شركة بوينج في مايو من أنها قد تطلب مزيدا من الرحلات التجريبية قبل التصديق على الطائرة 777 إكس ذات الجسم العريض في المستقبل بسبب نقص البيانات الفنية.
أدت المشكلات الكهربائية في قمرة القيادة في بعض طائرات 737 ماكس في أبريل إلى التجميد المؤقت لنحو 100 طائرة تم تسليمها للعملاء.
كما تخلفت المجموعة عن تسليم النموذجين الجديدين للطائرة الرئاسية الأمريكية إير فورس وان، بينما تواجه طائرة التموين كي.سي.46 مشكلات عدة.
ثقافة بعد الاندماج
هناك أسباب عدة وراء هذه المشكلات، فهي ربما تفاقمت بسبب الوباء إذ تواجه المجموعة وموردوها المشكلات نفسها المتعلقة بالموظفين والإمداد مثل بقية قطاعات الاقتصاد.
وقد يكون قرار نقل إنتاج 787 إلى موقع واحد في ساوث كارولاينا تسبب أيضا في حدوث إرباكات.
كما أن تقريرا برلمانيا نُشر في سبتمبر الماضي عن حوادث ماكس سلط الضوء على تغيير طرأ على ثقافة الشركة بعد الاندماج مع ماكدونيل دوجلاس في عام 1997 مع إيلاء مزيد من الاهتمام للأرباح المالية وبدرجة أقل لحل المشكلات الهندسية.
ووجه هذا التقرير بشكل خاص إصبع الاتهام إلى «ثقافة الإخفاء» التي سادت لدى الشركة، إضافة إلى ضعف إشراف إدارة الطيران الفدرالية عليها.
عمل منهجي
تقول بوينج إنها عملت «بشكل منهجي» خلال العامين الماضيين من أجل تحسين السلامة، في حالة 787 على سبيل المثال، اتخذت الشركة «قرار إبطاء معدل الإنتاج لإجراء عمليات تفتيش إضافية وربما القيام ببعض أعمال الإصلاح، حتى وإن أثر في بعض الأحيان على العمليات».
وتصر إدارة الطيران الفدرالية من جانبها على استعدادها لفحص جميع الجوانب المتعلقة بالسلامة.
فعلى سبيل المثال، عندما اقترحت بوينغ في مايو خوارزمية كوسيلة لفحص طائرات 787، طلبت إدارة الطيران الفدرالية تعليق عمليات التسليم حتى يتسنى فحص البيانات الكامنة وراء الاقتراح.
أول خسارة
في يناير 2020 أعلنت بوينج عن أول خسارة سنوية منذ 1997 مع تزايد تكاليف أزمة 737 ماكس، وأشارت إلى أنها ستخفض مجددا إنتاج طائراتها الأكبر حجما 787 دريملاينر التي هي حاليًا مصدرها الرئيس للأموال.
وقالت الشركة إن الخسائر التشغيلية بلغت 2.53 مليار دولار في 2019 مقارنة بأرباح بلغت 3.87 مليارات دولار في 2018.
ووصلت التكاليف المرتبطة بوقف رحلات طائرات 737 ماكس حول العالم إلى 14.6 مليار دولار في 2019، نصفها تقريبًا تعويضات لشركات الرحلات الجوية التي اضطرت إلى إلغاء عشرات الآلاف من الرحلات.
وحذرت الشركة من أعباء مالية إضافية بقيمة 4 مليارات دولار في 2020.
إيرباص تقفز
أمام المتاعب الشديدة لبوينج، استغلت مجموعة إيرباص الأوروبية الأوضاع وأزاحت بوينغ عن صدارة مصنّعي الطيران المدني عالميًا، وذلك إثر تسجيل المجموعة الأمريكية طلبات سلبية (-87 طائرة) وتراجعًا على صعيد عمليات التسليم بنسبة 53% في 2019.
وفي العام الماضي، أعلنت بوينج عن أسوأ صافي طلبيات سنوي لها خلال عقود، وأدنى أرقامها لتسليمات الطائرات في 11 عامًا، مع تراجعها كثيرًا عن منافستها الرئيسية إيرباص جراء وقف تشغيل الطائرة 737 ماكس.
وقالت بوينج إنها تلقت، في ضوء الإلغاءات والتغييرات على طلبيات سابقة، ما لا يزيد على 54 طلبية طائرات جديدة في 2019، وسلمت أقل من نصف العدد الذي سلمته قبل عام، لتفقد الصدارة لصالح منافستها الأوروبية للمرة الأولى في 8 سنوات.
وهوى إجمالي الطلبيات 77% إلى 246 في 2019. وبعد تعديل محاسبي في ضوء طلبيات السنوات السابقة المستبعد الآن تسليمها، قالت بوينج إن صافي إجمالي طلبيات العام يكون قد هوى إلى سالب 87 طائرة.
وبالمقارنة، قالت إيرباص إنها تلقت 768 طلبية صافية العام الماضي بعد الإلغاءات، وأنها سلمت عددا قياسيا بلغ 863 طائرة.
تحسن طفيف
في أبريل الماضي، أعلنت بوينج تراجع خسائرها خلال الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بفضل الأداء الجيد لطائرة التزود بالوقود في الجو كيه.سي46-أيه وتحسن معدلات تسليم الطائرات من طراز 737 وتراجع تكاليف الطائرات التجارية.
وأعلنت الشركة تسجيل خسائر صافية خلال الربع الأول من العام الحالي بقيمة 537 مليون دولار، بما يعادل 0.92 دولار للسهم الواحد، مقابل خسائر بقيمة 628 مليون دولار بما يعادل 1.11 دولار للسهم خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
في الوقت نفسه تراجعت إيرادات الشركة بنسبة 10% إلى 15.22 مليار دولار خلال الربع الأول من العام الحالي، مقابل 16.91 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، نتيجة تراجع تسليمات الطائرة 787 وقيمة الخدمات التجارية، رغم ارتفاع تسليمات الطائرة 787 وإيرادات مبيعات طائرة التزود بالوقود في الجو كيه.سي46-أيه.
ووصلت القيمة الإجمالية لطلبيات الطائرات لدى الشركة الأمريكية بنهاية الربع الأول من العام الحالي 364 مليار دولار.