يظهرون فجأة مرتدين أقنعة ذات ألوان لا تنتمي لأي مزيج من الحقيقة، ويغذون أجسام الزيف حتى تنمو وتصبح مريضة، ويغضبون بعد كل هذا من ترهل تلك الأجسام غير الصحية، ورغم ذلك يواصلون عمليات الإعاشة المرة حتى يتكيفوا مع هذا الكذب، ويظفروا على مناعة تحارب كل ما يزور من خارج حقولهم.. ويعقدوا بعدها عقد تصالح مع الظلام تكفل عملية البقاء التام.. ثم يختبئوا هناك غير مبالين بكل النور، معتمدين بذلك على قوة التحصين ضد كل الإشعاعات.. وعندها يمارسون كل الألعاب المقدسة في مناطق السواد! وفجأة، تشعل الأنوار، وتهرب من بين أيديهم كل أطنان الظلام، وتتعطل كل قوانين ألعابهم.. تبدأ معركتهم مع الجديد، فيقاتلون كل ضوء نافذ بملايين الذرات من الحقيقة، ويسارعون ليكيلوا له تهم التآمر، ويقذفوه بكل صفات الخيانة، والسطو.. بل يبحثوا عن أي نوع من التهم المستحدثة.. لكن هذا السيناريو لا يستمر كثيراً، فيتحول الظلام ندا لهم، ويدينهم، ويفضح كل ألاعيبهم تحت ستارته، يهاجمهم بتحالفه مع الضوء، وينثر مزيداً من إشعاعات الحقيقة.. يقفون عندها عراة في مساحات النور، فلا تغطي عيوبهم حتى الجدر الممتدة كحلقة حماية لقصر باذخ، ولا تحتضنهم أي من حدائق الزيف التي اعتادوا أن يزوروها، ولا تنفعهم شفاعة تلك الزوايا القاتمة التي كانوا يوفون لها بكل الانتماء.
يحاولون العودة، لكن الأماكن ذاتها لم تعد تستوعب سوادهم، وهم في الوقت ذاته لم يعودوا متعايشين مع جديد النور، فلا هم الذاهبون إلى حيث النهار، ولا هو الليل توقف لينتظرهم.. وباتوا معلقين في حقبة زمنية لا تنتمي لأي يوم ولا أسبوع ولا شهر.. بل ذاته الزمن تبرأ من زمانهم بعد أن تخلت عنهم الأماكن! وقتها.. لعنوا الظلام، وعادوا (مجدداً) يصافحون الضوء بطريقة "مظلمة"!