يفتتح النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز مساء اليوم، فعاليات المؤتمر العالمي عن "ظاهرة التكفير.. الأسباب، الآثار، العلاج" نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والذي تنظمه جائزة نايف بن عبد العزيز العالمية للسُّنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، بمشاركة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالمدينة المنوّرة بحضور عدد من الشخصيات العربية والعالمية.

وأوضح نائب رئيس الهيئة العليا، المشرف العام على الجائزة الأمير سعود بن نايف أن رعاية خادم الحرمين الشريفين للمؤتمر تؤكد الموقف الثابت للمملكة دولة وعلماء ومواطنين في وجه الإرهاب والغلو والتطرُّف وانحراف الفكر.

وأضاف "تعد ظاهرة التكفير المنفَلِت، واحدة من أخطر الظواهر التي تعانيها أمتنا الإسلامية، التي ساهمت إلى حدٍ بعيدٍ في إضعاف عُرى الوحدة بين المسلمين، والتي كانت سبباً في تمزيق المجتمعات الإسلامية وإحلال التنازع فيها بدل التعاون، والفُرقة بدل الوحدة"، مشيراً إلى أنه من أجل ذلك ولذلك كان من الأهميَّة بمكانٍ الوقوف عند هذه الظاهرة لاستجلاء أسبابها والعوامل التي ساهمت في نشأتها، باعتبار أنه لا يُمكن تقديم أي رؤية لعلاج هذه الظاهرة، إذا لم تكن لدينا المعرفة الكاملة والصحيحة بتلك الأسباب.

الحكم الشرعي للتكفير

وأشار الأمير سعود بن نايف إلى أنه انطلاقاً من عالمية رسالة جائزة نايف بن عبد العزيز العالمية للسُّنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، ولما لها من دورٍ رائدٍ في خدمة القضايا الإسلامية والعالمية المعاصرة وتحقيقاً لأهدافها التي منها الإسهام في دراسة الواقع المعاصر للعالم الإسلامي واقتراح الحلول المناسبة وإيماناً منها بأهمية دراسة المشكلات المعاصرة، وإدراكاً لخطورة فتنة التكفير: عقدياً وشرعياً واجتماعياً وأمنياً، يأتي تنظيم الجائزة لهذا المؤتمر بمشاركةٍ من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بهدف إيضاح الحكم الشرعي للتكفير وبيان الجذور الفكرية والتاريخية لظاهرة التكفير، والوقوف على أسباب ظاهرة التكفير وإبراز أخطار ظاهرة التكفير وآثارها، وتقديم الحلول المناسبة لعلاج ظاهرة التكفير.

خدمة قضايا المسلمين

من جهته، أكد نائب المشرف العام على الجائزة، مساعد وزير الداخلية للشئون الأمنية الأمير محمد بن نايف، أن رعاية خادم الحرمين للمؤتمر تأتي تأكيداً لجهوده في خدمة قضايا العالم الإسلامي ونصرة الدين وإعلاء كلمة الحق، مضيفاً أنه يأتي انعقاد المؤتمر متزامناً مع ما تحقق لجائزة نايف العالمية لخدمة السُّنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة من إنجازاتٍ ترسخ مكانة رسالتها ونبل مقاصدها خدمةً للعالم الإسلامي، وتمشياً مع دستور هذه البلاد التي جعلت كتاب الله الكريم وسنة رسوله الأمين، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، دستوراً ومنهجاً لها، مبيناً أنه عبر سنوات مضت حققت الجائزة في مختلف فروعها وأنشطتها وفعالياتها عديداً من الإنجازات وذلك بفضل الله ـ عز وجل ـ أولاً ثم بفضل دعم وعناية واهتمام راعي الجائزة ورئيس هيئتها العليا، وتفردت بمنزلةٍ ريادية ومكانة عالمية حققتها من خلال أهداف الجائزة وتنوع موضوعاتها، ومواكبةً لواقع الأمة المعاصر وما تعيشه من المتغيرات وما تعانيه من مخاطر الأفكار المخالفة للشرع والعوامل التي أسهمت في زيادتها، جاء التوجيه الكريم من سمو راعي جائزة نايف بن عبد العزيز العالمية للسُّنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، إلى ضرورة عقد مؤتمرٍ يناقش ظاهرة التكفير مفنداً لأسبابها ومحذراً من مخاطرها ومعززاً ذلك بوضع الحلول المناسبة لعلاجها، وذلك بمشاركة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

الرد على الشبهات بالحجة والبرهان

وأضاف أنه من خلال جلسات المؤتمر وعبر الأبحاث المتنوعة المشاركة يسلط نخبة من العلماء والمفكرين والباحثين المشاركين في المؤتمر من مختلف أنحاء العالم الضوء على حقيقة الإسلام نصرةً للحق والعدل، وأنه الدين الصالح لكل زمانٍ ومكانٍ، كما سيتناول المؤتمر ظاهرة التكفير، ويتولى المشاركون الرد على كل الشبهات رداً ملجماً مدعماً بالحجة الواضحة والبرهان الساطع من الكتاب والسُّنة وإجماع المسلمين عبر أبحاثٍ علميةٍ قيمةٍ هادفةٍ تعالج تلك الشبهات, وتضع حلولاً للمشكلات الحادثة بسببها لتنير للمسلمين الطريق المستقيم من خلال نظرةٍ متكاملة تستوعب جميع متغيرات العصر وما يستجد به من النوازل.

تأويل الآيات وراء الضلال

وذكر الأمير محمد بن نايف أن المتأمل في واقع المسلمين في هذا العصر يجد أن من أسباب الضلال والانحراف وتكفير البعض للبعض تأويل آيات الكتاب ونصوص السُّنة تأويلاً خاطئاً إما لجهل بأحكامها ودلالتها وإما لتحريفها عن ظاهرها وعدولاً بها عن الحق, ونتيجة لذلك وقعوا في كثيرٍ من المتاهات والضلالات. وأضاف "نحمد الله أن هيّأ لبلادنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد، وسمو النائب الثاني، انتهاج إستراتيجية وقائية تتمثل في تعزيز قيم العقيدة الإسلامية من خلال بناء جسور للحوار؛ بهدف القضاء على كل فكرٍ متطرّفٍ"، مؤكداً نجاح وزارة الداخلية، في تنفيذ برنامجٍ مكثفٍ لإعادة التأهيل وتقديم النصح عبر برنامج "المناصحة" بمشاركة أكثر من 200 مرشد شرعي ومتخصص في علم الاجتماع وعلم النفس الذين يقدمون النصح للسجناء في أنحاء المملكة كافة، لتبصيرهم بالأحكام الشرعية الصحيحة وتقديم نصائح نفسية واجتماعية لهم وإشراكهم في حوارٍ دينيٍّ شاملٍ ومكثفٍ، معتبراً المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي نجحت تجربتها في مكافحة كل فكرٍ متطرفٍ عن طريق تنشيط الحوار وتقديم حقيقة الدين الإسلامي ودعمها مبادراتٍ إقليمية وعالمية ودولية. القضية تتطلب تأصيلا شرعيا

وفي السياق نفسه، قال مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ "إن الله تعالى أحبّ لعباده الإيمان والهدى، وكره لهم الكفر والضلال. قال تعالى: (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ). ومن هنا أرسل الله الرسل مبشرين ومنذرين، وأقام عليهم الحجة، قال تعالى: (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا). وبين لهم سبيل الهدى من الضلال، والإيمان من الكفر، وهداهم النجدين".

وأضاف أن الشرع الحنيف يتشوف إلى دعوة الناس إلى الإيمان، وترغيبهم في الدخول في الإسلام، ويَسُدُّ طريقَ الكفر والنفاق ويحذّر منهما بكل وسيلة ممكنة، مبيناً أنه من هنا كان الأصل في المؤمن بقاؤه على الإيمان، ولا يجوز تكفيره، ما لم يقم دليل يخرجه عن دائرة الإيمان بيقين.

وقال "من هذا ندرك أن التكفير قضية ذات خطورة بالغة، وهي بحاجة إلى تأصيلٍ شرعي، وبيانٍ وتوضيحٍ لأحكامه، وشروطه، وآثاره، وعلاج ما وقع فيه أهل الغلو من أخطاء، وسلوك منهج غير سويّ في تكفير عامة الناس، والمجتمعات المسلمة، وحكام المسلمين، وما جرّ هذا المسلك الخطير إلى استباحة دماء المعصومين، وما ترتب عليه من التخريب، والتدمير، والتفجير، والإخلال بالأمن في بلاد المسلمين ومجتمعاتهم".

وأكد أنه نظراً لخطورة هذه الظاهرة، والحاجة الماسة إلى إجراء بحوث ودراسات مؤصلة حولها نظمت جائزة نايف بن عبد العزيز العالمية للسُّنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة بمشاركةٍ من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مؤتمرا عالميا حول (ظاهرة التكفير: الأسباب، الآثار، العلاج).

التكفير أضعف وحدة المسلمين

من جهته، أكد المدير التنفيذي للجائزة، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الدكتور مسفر بن عبد الله البشر، أن ظاهرة التكفير واحدة من أخطر الظواهر التي عانت – ولا تزال تعاني – منها الأمة الإسلامية، تلك الظاهرة التي أسهمت في إضعاف عُرى الوحدة بين المسلمين، وتسبّبت في تمزيق المجتمعات الإسلامية وأثرت سلباً في صورة الإسلام والمسلمين في الرأي العالمي المعاصر.

وأضاف أن التكفير مرحلة خطيرة تسبقها مراحل التفسيق والتبديع، والمنتسبون إلى هذا الفكر يركبون مركب الجهل والغوغائية التي تنشر الخوف، وتشيع الكراهية والبغضاء بين أفراد المجتمع المسلم، وتخل بأمن المسلمين وأمانهم واطمئنانهم، وتلقي بالمجتمع في مستنقع التخلف والانهيار الديني، والفكري، والتنموي، والحضاري، مؤكداً أنه لخطورة هذه الظاهرة بالمجتمعات المسلمة احتضنت المملكة العربية السعودية هذا المؤتمر العالمي الذي يرعاه ويدعمه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز؛ لبيان أسباب ظاهرة التكفير وآثارها في المجتمعات وسبل علاجها.


.. الأمير نايف يشهد جلسة مجلس المدينة المنورة ويستقبل المشايخ والأعيان

يشهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز بعد ظهر اليوم، جلسة مجلس منطقة المدينة المنورة في قاعة الاجتماعات بالمنطقة، فيما يستقبل سموه عقب ذلك المشايخ وأئمة المسجد النبوي الشريف وأعيان المنطقة. عقب ذلك يشرف النائب الثاني حفل الغداء الذي تقيمه إمارة المنطقة بهذه المناسبة.

من جهته، أكّد أمير منطقة المدينة المنورة الأميرعبد العزيز بن ماجد، أن جائزة الأمير نايف بن عبد العزيز العالمية للسنة النبوية جسّدت جانباً مضيئاً في مسيرتها المتوجة بالعطاء لترقى سلم المعالي صعوداً بواجباتها تجاه كل ما فيه الخير والصلاح لأبناء العالم الإسلامي والبشرية جمعاء، ومن خلال طرحها المعاصر لظاهرة التكفير ومعالجة أسباب تجذرها فكرياً وكشف تفاصيل ضلالها وبراءة الإسلام منها. وقال إن انعقاد مؤتمر ظاهرة التكفير يأتي تأكيداً لدور المملكة الريادي منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في خدمة الدين الإسلامي القويم وإبراز محاسن سماحته والتصدي في المقابل بشتى الوسائل والأسباب لكل مَن يفكر في النيل من مكانته أو تشويه صورته المشرقة.

وأشار إلى أنه انطلاقا من ذلك يعقد المؤتمر العالمي لظاهرة التكفير للإسهام في إيجاد حلولٍ علميةٍ وعمليةٍ للحدِّ من انتشار هذه المشكلة والوقاية منها وأخذ الحيطة والحذر من فتنة التكفير عقدياً وشرعياً واجتماعياً وأمنياً، واستكمالاً لعالمية رسالة جائزة نايف بن عبدالعزيز العالمية للسُّنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة في دراسة الواقع المعاصر للعالم الإسلامي، بمشاركة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وإسهاما لدورها الرائد في خدمة القضايا الإسلامية والعالمية المعاصرة.