لله الحكمة البالغة، يخلق ما يشاء ويختار، فهو مالك الملك، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده الخير إنه على كل شيء قدير، يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا، وما أُعطي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر.

إن من حظنا نحن شعب المملكة العربية السعودية أن ولّى علينا أهل حكمة وصبر وحزم، وهم (آل سعود)، يسوسون البلاد بالشريعة التي جعلها الله صالحة لكل زمان ومكان، ويسهرون على راحتنا، ويدفعون عنا الشر والأخطار.

وكل قارئ للتاريخ يعلم أنه بعد عهد الرسالة والراشدين، لم يشهد الواقع أسرة حاكمة نصرت التوحيد والسنة، ورُزقت بالصبر الجميل، والضربة القاضية إذا لم يكن للصبر موضع، مثل ولاة أمرنا (آل سعود) فهذه حقيقة ناصعة ومُشاهَدة لا مجاملة فيها، منذ 300 عام وإلى يومنا هذا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله.


وقد سمعنا ولاة أمرنا منذ زمن بعيد يقولون: (بلادكم مستهدفة، دافعوا عن دينكم ووطنكم) يقولون هذا وهم مُطَّلعون على الأحداث، ولما ظهر لنا (بعض) شرور أهل الشر، وربما ما خفي من الكيد والشر أعظم، ظهر لكل أحد عِظَم صبر القيادة، وحسن تعاملهم مع الأحداث بما تُوجبه الشريعة العادلة، والسياسة الحكيمة، وزاد يقيننا بأننا محظوظون بهذه القيادة المباركة، فيالله كم دفعوا عنا الأخطار، وكم واجهوا من المصاعب التي تنوء بها العصبة أولي القوة من الرجال، ولكنها على ولاتنا كشرب الفناجيل، ألم يقل الملك فهد رحمه الله:

حنا هل العوجا ولا به مراواة *** شرب المصايب مثل شرب الفناجيل.

وقبل ذلك قال الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله: (إني جعلت سنتي ومبدئي ألا أبدأ بالعدوان بل أصبر عليه وأطيل الصبر على من بدأني بالعداء وأدفع بالحسنى ما وجدت لها مكانا، وأتمادى في الصبر حتى يرميني القريب والبعيد بالجبن والخوف حتى إذا لم يبق للصبر مكان ضربت ضربتي وكانت القاضية، وكانت الآية على ما وعدني الله من فضله، والحمد لله رب العالمين).

وإن من الدين والعقل أن نشكر الله على نعمة الله علينا بهذه القيادة، فنعرف لولاة الأمر فضلهم ومكانتهم، ونقف صفًا واحدًا معهم كما هو الواقع ولله الحمد من هذا الشعب الكريم، ولنحذر من المزايدة على الدولة والتدخل في شؤونها، أو أخذ دورها، والافتئات عليها، وإنما نلزم قيادتنا، وندافع عن وطننا، ولا نلتفت إلى أي صوت يقلل من شأن قيادتنا، لأنه باختصار لا قيمة لنا دون قيادتنا ووطننا.

لقد دأَب دعاة الضلالة لا سيما المشردين منهم على التأليب والإثارة والتهييج والمظاهرات والفتن، والثورات، يفعلون ذلك لفسادٍ في اعتقادهم، ولحسدٍ في أنفسهم، لكنهم مخذولون، وما جاؤوا به من الإفك والكيد والإفساد سيبطله الله، بدليل قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِين)، فهم يدَّعون أنهم يحبون الشعب السعودي، وهم كاذبون، لأنهم يسعون في تدميره وتمزيقه، ذلك أنهم لا يتحملون أن يعيش هذا الشعب السعودي في نعمة وأمن، وهم يعيشون مشردين في الآفاق، ولهذا يسعون للتفريق بين الراعي والرعية.

وبحمد الله فإن كل دعواتهم الحاقدة لا قيمة لها، فالشعب مع قيادته في السراء والضراء، في الحرب والسلم، في المنشط والمكره، لأنه يعرف أن فضل القيادة عليه -بعد فضل الله- كبير، ويعرف كيف كان هذا الوطن قبل توحيده على يد الملك عبدالعزيز وأبنائه ورجاله، وقبل ذلك وبعده يعرف العقيدة السلفية التي توجب لزوم إمام المسلمين، والسمع والطاعة له بالمعروف، والحفاظ على البيعة لإمام المسلمين في بلادنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، بوصف ذلك أصلًا عقديًا دلت عليه الأدلة الشرعية، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن خَلَعَ يَدًا مِن طَاعَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ يَومَ القِيَامَةِ لا حُجَّةَ له، وَمَن مَاتَ وَليسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)، ولهذا تحرم منازعة ولي الأمر، والخروج عليه، بأي نوع من أنواع الخروج والافتئات، فهذا الشعب يحب قيادته ويفديها بكل ما يملك، وهذا الولاء الصادق بين الراعي والرعية، هو الذي جعل نافخي الكير، ودعاة الضلالة، «كناطح صخرة يومًا ليوهنها، فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل».