قبل فترة لقنني أحد الأصدقاء درساً لن أنساه ما حييت. يعمل هذا الصديق مسؤولاً في إحدى الجهات الحكومية. وفي أحد الأيام، لفت نظري عند تصفحي لأحد المواقع؛ تقريراً لأحد الباحثين المهتمين لنطاق جهة هذا المسؤول. كان التقرير يتحدث عن هذه الجهة بنوع من التعريض غير الجيد، وبالطبع أرسلته بعد قراءته إلى صديقي. ما هي إلا لحظات حتى اتصل بي، ثم تحدث عن التقرير وعن منهجيته التي كُتبت به، وأنها غير صحيحة، وقدم الدلائل على ذلك. وبالتالي، أشار إلى أن النتائج التي توصل إليها الباحث تعتبر نتائج مشوهة ومغلوطة، ولا يمكن الارتكان إليها. ثم سألني (وهنا يأتي الدرس)، لماذا يا أستاذ فيصل وأنت تكتب في جريدة يومية مهمة لم ترسل لي سوى هذا التقرير، رغم أن المقالات والتقارير التي تتحدث بإيجابية عن جهتي التي أمثلها كثيرة ومتنوعة؟

سؤاله كان بمثابة الصدمة التي عشتها للحظات؛ لحظات محرجة جداً، وأستطيع أن أزعم أن تأثيرها ما زال ممتداً بداخلي إلى اليوم.

والعجيب في الأمر أنه تبين لي أن هناك عدداً من الأشخاص غيري، أرسلوا إليه التقرير قبلي. والسؤال المتبادر للذهن هنا؛ ما الدافع الذي حركنا جميعا لأن نرسله له، لماذا نحن حريصون على لفت انتباه الآخرين حول ما يمكن أن يسيء إليهم ولو بشكل غير مباشر؟


الآن، وأنا أعيد ذلك المشهد في مخيلتي، أتذكر قانون روبرت غرين للأشخاص الباحثين عن القوة والنفوذ والنجاح (لا تنقل الأخبار السيئة)، قانون إذا التزمت به؛ غالباً ما يبعد عن محيطك مشكلات أنت في غنى عنها من الأساس. فهم هذا القانون، سيجعلك ومن دون ألا تشعر تطبق قانونه الآخر وكأنه نتيجة له (ابق بعيداً عن المشاكل).

الرسول الكريم يقول: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. وفي ظني أن الإنسان العاقل، وبصرف النظر عن مدى تدينه وتمسكه بهذا المبدأ العظيم، يجب عليه ألا يتدخل في أمور ليست من اختصاصاته ولا تعنيه. وأن يركز جهده على ما يقع تحت يديه، وعلى ما يمكن أن يقدر على تغييره، وما هو كذلك مسؤول عنه.

وبالإجابة على التساؤل الموجود عنواناً للمقالة، يمكنني القول إنه يتوجب أن نتجنب نقل الأخبار السيئة لسببين: الأول: لأن الأشخاص العاقلين ليسوا مكلفين بنقل الأخبار السيئة. والثاني: أنه يوجد من يؤدي عنك هذا الدور. مدة يسيرة فقط، وسيصل الخبر السيئ إلى طرفه الآخر.

طبعاً حديثي أعلاه موجه فقط للأشخاص العقلاء الذين تخونهم مشاعرهم وأحاسيسهم فينقلون الأخبار غير الجيدة، ثم يندمون على ذلك، أما المتسرعون والمندفعون فهم بعيدون كلياً عن فكرة التماسك والتغلب على أفضلية السبق بالأخبار. أما إن أحكمت عليك الظروف وأجبرتك على نقل خبر غير جيد، فإني أعتقد أن التدرج في نقل الخبر والتلطف في طريقة عرضه، أمر بالغ الأهمية.