عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الأخص (twitter) و(clubhouse)، انتشرت في الآونة الأخيرة، وبشكل ملحوظ، حسابات تروج للبيدوفيليا، وهي مصطلح إنجليزي علمي يطلق على «اشتهاء الأطفال جنسيا».

وبالنظر إلى تعقيدات هذا الموضوع، واختلاف الرؤية للمصابين به، بين من يجد أنهم بحاجة إلى الرعاية والعلاج، ومن يجدهم مجرمين يستحقون المطاردة والعقوبة، يتساءل كثيرون حول إمكانية رفع شكاوى للقضاء على تلك المواقع التي تسمح لمثل هذه الحسابات بالترويج لمثل هذه الأفكار ولأصحابها.

أشكال من الترويج


يتخذ الترويج للبيدوفيليا أشكالا متعددة عبر مواقع التواصل، أوضحها وأشدها تأثيرا وفجاجة وفحشا مقاطع الفيديو المصورة لأشخاص يفعلون الفاحشة بالصغار، أو مقاطع صوتية يتم تبادلها لأحاديث يديرها بعض هؤلاء مع الصغار، متضمنة ألفاظا خادشة وإيحاءات بالرغبة الجنسية، كما يذهب بعضها إلى حد ترك تعليقات على صور لصغار أو صغيرات تتضمن الإفصاح عن رغبة اشتهائهم توضيحا أو تلميحا أو حتى رسما وتصويرا، إلى غير ذلك من الأشكال.

مسؤولية الرقابة

يبين المحامي نواف النباتي أنه لا يمكن «مقاضاة مواقع التواصل لسماحها بعرض مثل هذا المحتوى»، مشيراً إلى أن مواقع مثل «تويتر أو اليوتيوب وغيرهما تحتوي على مقاطع لا تناسب البعض، وهنا فإن مسؤولية الرقابة تقع على عاتق الأهل».

وتبعا لهذا الأسئلة، وعلى الجانب القانوني تساءل البعض، هل يوجد سن قانونية -في المملكة- لامتلاك الطفل جهازا إلكترونيا، وذلك بغية تقنين دخوله فضاء الإنترنت، وعلى هذا يجيب النباتي: «إنه لا يوجد سن قانونية لتملك الطفل جهازا إلكترونيا، إنما يوجد نظام الحماية من الإيذاء، وامتلاك الطفل جهازا إلكترونيا يشاهد من خلاله محتوى مخلا وغير لائق يفترض أن يحاسب عليه ولي الأمر، الذي سمح بهذا النوع من المشاهد على الرغم من أن فيها إيذاء للطفل، ووجود تقصير في دور ولي الأمر من ناحية مراقبة ومتابعة الابن تقرره كما تقرر العقوبة في هذه الأحوال المحكمة الجزائية، وذلك حسب الضرر الواقع على الطفل، وتتولى المحكمة تقدير وتنفيذ العقوبات».

التأثير في اللاوعي

حول مساهمة الإعلام في الحد من نشر مثل هذه الأفكار وقمع انتشار هذا الاشتهاء العلني المرضي، أكد رئيس قسم الإعلام الرقمي بجامعة جدة الدكتور وسيم الصحفي، أنه «لا شك أن للإعلام دورا كبيرا وفاعلا جداً على كافة الأصعدة والمستويات، كما يقع على عاتق المنتسبين له من أفراد ومؤسسات مسؤوليات أخلاقية عظيمة ينبغي التحلي بها والعمل عليها في كل الممارسات الإعلامية».

وتابع: «فيما يخص مدى قدرة الإعلام على غرس فكرة مجتمعية أو اجتثاث أُخرى، فقد أثبتت كثير من الدراسات في مجال علم الاتصال والإعلام -بما لا يدع مجالاً للشك- بأن الوسائل الإعلامية بكافة أشكالها ووسائلها المتعددة تلعب دوراً مهماً في التأثير على «اللاوعي» لدى أفراد المجتمع وتغيير وجهات نظرهم، وذلك عن طريق غرس الأفكار في سلوكياتهم وتكوين صور ذهنية ونمطية حول كثير من المفاهيم والموضوعات والظواهر والسلوكيات الدارجة في المجتمعات، سواء كانت هذه المفاهيم أو السلوكيات تصب في صالح المجتمع ونمائه ووحدته أو في هدم قيمه الأخلاقية والثقافية، إذن هناك علاقة وثيقة بين الإعلام ومنظومة القيم والأخلاق في كل مجتمعات العالم، فمن خلال وسائل الإعلام المختلفة يتم نقل وتبادل المعرفة، والقيم، والمفاهيم».

الرصد والمتابعة

عن مسألة عرض هذه الأفكار في الإعلام وكيفية التعامل معها، يرى الصحفي أنه «في ظل الانفتاح على العالم الذي نشهده اليوم، والذي لم يعد مُقيدا بحدود جغرافية كما كان عليه الحال سابقاً، أصبح لزاماً على المؤسسات الإعلامية مراقبة البيئة المجتمعية ورصد كل الظواهر -الإيجابي منها والسلبي- التي تطرأ في محيطها المحلي والإقليمي والدولي، وذلك بدعم وتعزيز كل ما يتوافق مع مصالح المجتمع وقيمه وعاداته، والتصدي لكل ما من دوره المساس بهذه القيم والمصالح».

وعن ظاهرة البيدوفيليا أو الولع الجنسي بالأطفال أشار الصحفي إلى أنها «أصبحت متفشية بشكل كبير بين المجتمعات وتشكل خطرا يهدد حياة ومستقبل كثير من الأطفال، ومن المؤسف أن بعض الظواهر -المثلية على سبيل المثال- كانت قبل عقود مُستنكرة بشكل كبير جداً بين مجتمعات دول أوروبا والغرب بشكل عام، لكن مع تبني بعض مؤسسات الإعلام وأيضا جمعيات الحقوق المدنية لهذه الظاهرة، ومحاولة تصوير المثلية على أنها أحد الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها الأفراد، أصبح هناك قبول وترحيب واسع على مستوى هذه المجتمعات بهذا المفهوم ومحاولة الدفاع عن الأفراد المنتمين لمجتمع المثلية، من هنا أرى أنه ينبغي على الإعلام عدم تجاهل أي ظاهرة أو مشكلة قد تهدد المجتمع مُستقبلاً».

حسابات خارجية

فيما يخص مسألة وجود حسابات خارجية تروج للبيدوفيليا، قال الصحفي: «لا يوجد أدنى شك بوجود حسابات مشبوهة على مواقع التواصل الاجتماعي ممولة من جهات ومنظمات خارجية تسعى إلى بث شبهات ونشر أفكار تتنافى أخلاقياً ودينياً مع عادات وثقافة المجتمع، وعلى مستوى المملكة العربية السعودية تم رصد عدد من هذه الحسابات التي تستهدف بشكل مباشر المجتمع السعودي، وتحاول السخرية من قيمه وعاداته الاجتماعية، والملاحظ أن هذه الحسابات التي تأتي في شكل مجموعات تنشط في فترات معينة محاولة استغلال بعض الظروف لتمرير أهدافها وبث سمومها بين أفراد المجتمع السعودي».

وأضاف: «تبذل الجهات المختصة في المملكة مشكورة جهودا عظيمة في رصد كل الحسابات التي تستهدف المجتمع السعودي، كما وفرت منصات رسمية للمواطنين للإبلاغ عن هذه الحسابات، لذلك أرى أن المواطن اليوم شريك مهم مع هذه الجهات للحد من نوعية هذه الحسابات المنظمة والممنهجة التي تروج للجرائم الأخلاقية».

مسؤولية الطرفين

عن تحميل المسؤولية كاملة لرقابة الوالدين فيما يخص المواد التي قد تظهر لصغارهم في فضاء الإنترنت دون تحميل هذه الحسابات والمواقع أي مسؤولية، يقول الصحفي: «في الحقيقة المسؤولية تقع على عاتق الطرفين، فشركات مواقع التواصل الاجتماعي ينبغي عليها العمل بشكل كبير على الحد من المحتوى، ومراقبة المحتوى الذي يتنافى مع قيم وأخلاقيات المجتمعات، وكل ما يُخالف الفطرة الإنسانية، والأسرة أيضاً عليها مسؤولية كبيرة في مراقبة الأبناء وتوعيتهم بكل ما من شأنه التأثير عليهم وعلى قيمهم الأخلاقية والمجتمعية، ولا شك أن الأمور الآن في ظل الانفتاح الذي نعيشه أصبحت معقدة جداً، والحد من المحتوى السيء أصبح أصعب من قبل، لكن ينبغي على الجميع القيام بمسؤولياته والأدوار المنوطة به، والعمل على توعية المجتمع بقيمه وعاداته، والتصدي لكل الظواهر التي قد تتسبب في انحلاله الأخلاقي».

غرس الأفكار في المجتمع

بدورها، تشير الأخصائية الاجتماعية منال الصومالي، إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال عالمها الافتراضي صار لديها وجود وكينونة لكل فئة، سواء كانت فئة مقبولة أو مرفوضة، وكل شخص يروج للفكرة التي يتبناها، وهذه الأفكار مبنية على توجه خاص به، ولا تعبر بالضرورة عن توجه مجتمعه، والأثر المجتمعي لمثل هذه الحسابات هو سرعة وصولها لجميع الفئات حتى دون جهد البحث «كما يحدث في الترندات».

وتابعت: «تناول مسألة البيدوفيليا والجدل الذي يدور حولها من الفئات التي تتبنى رأي أصحابها، وترى أن لهم أحقية ممارسة معتقدهم وبين الفئات التي ترى فداحة وجرم الفعل المروج له والكارثة في مسألة الجدل، تؤصل وجود هذه الفكرة».

وأكملت: «مع أن مجتمعنا يرفض تماما هذه الفكرة للخلفية الدينية والقيمية، وهنا يأتي دور الوالدين في حماية أبنائهم من هذه الأفكار، بحيث تتم تنشئهم تنشأة اجتماعية سليمة، وهذا هو السلاح الأساسي الذي ننادي به، بحيث يكون لدى الطفل ثوابت لا تتغير مهما طرأت حوله متغيرات»، وأكدت من حق أي شخص الإلمام بكل ما يحدث في العالم، لكن الكارثة تكون في حال الاقتناع والتبني لفكرة شاذة وفي غير محلها.

نشر مقاطع الأطفال

أما ما يخص مسألة نشر صور الأطفال من قبل الأهل وتعريضهم للتعليقات من هذه الفئات الشاذة، قالت الصومالي: «المؤكد أن الأهل لا يرغبون بتعريض طفلهم لمثل هذه التعليقات ونحوها، إنما الرغبة المسيطرة على البعض هي الوصول إلى أعلى نسبة مشاهدة، وهنا الأمر يعد متاجرة بالطفل.. إذا الأمر من شقين الأول هو «التسويق» ومتاجرة الأهل بصور الأطفال، والشق الثاني هو نظرة الفئات المريضة «البيدوفيليين» لهذه الصورة».

وتابعت: «بعض الأطفال تحدث لديهم مشكلات نفسية بسبب عرض صورهم واستغلالهم، وقد تكفل نظام حماية الطفل بالدفاع عن الطفل أمام أي أمر قد يمسه بأذى، مع العلم أن هذه الفئة مرفوضة في كافة المجتمعات، ووجودهم وظهورهم، إنما هو رغبة في إثبات وجود والمطالبة بحقوق».

ما هي البيدوفيليا؟

البيدوفيليا (Pedophilia)، الغلمانية، اضطراب الولع بالأطفال، اضطراب اشتهاء الأطفال أو مرض عشق الأطفال.

هو اضطراب نفسي يتميّز بالانجذاب والميول الجنسي للأطفال من كلا الجنسين أو أحدهما؛ وهم الأطفال الرضع إلى الأطفال في سن 13 سنة غالبا.

ينقسم المصابون إلى:

01 من يعانون من خيالات واستثارة جنسية تجاه الأطفال تدفعهم نحوهم دون إيذائهم، مع الشعور المستمر بالقلق والخجل والذنب

02 من يصل بهم الأمر إلى درجة الاعتداء الجنسي والاغتصاب، وهم نادرون

03 من يكتفون بالتحرش بهم من خلال مداعبتهم عن طريق اللمس وغيرها؛ لإشباع الحاجة الجنسية الملحة التي تتملكهم

04 يصنف هذا الاضطراب في خانة اضطرابات الولع الجنسي (Paraphilic Disordres) حسب الدليل الإحصائي والتشخيصي الخامس للاضطرابات النفسية.

- جل المصابين بالبيدوفيليا هم من فئة الرجال.

- تعد النساء المصابات بهذا الاضطراب من الحالات النادرة.

بيانات منظمة الصحة العالمية لعام 2020

متعرضون للاعتداء الجنسي حين كانوا صغارا:

ـ واحدة من كل 5 نساء:

ـ رجل من كل 13.

عقوبات الاعتداء الجنسي على الصغار

السعودية

السجن لمدة تصل إلى 5 سنوات، والغرامة 30 ألف ريال.

مصر

السجن مدة سنتين كحد أقصى.

العراق

السجن المؤبد أو المؤقت

الأردن

الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، كل من عرض فعلاً منافياً للحياء أو وجه أي عبارات أو قام بحركات غير أخلاقية على طفل

لبنان

الأشغال الشاقة لفترة لا تقل عن 7 سنوات، ويتم تشديدها إذ كان المجرم موظفاً أو رجل دين أو من أصول أو فروع الضحية لتصل إلى 10 سنوات.

تونس

السجن من سنتين حتى 12 إذا وقع التحرش من شخص لديه سلطة على الضحية

المغرب

السجن من سنتين حتى 5 سنوات، وتتضاعف العقوبة في حالة اقتران التحرش بالعنف، فيحكم على الجاني بالسجن من 10 سنوات إلى 20 سنة

الإمارات والبحرين

عقوبة التحرش بالسجن 6 أشهر

البحرين

التحرش عبر الإنترنت عقوبته الحبس والغرامة أو بإحداهما