صحوت من نومي ذات ليل فزعا، حيث رأيت في منامي أن بضعة كلاب، لا أذكر عددها بالضبط، لكنها تتراوح بين ثلاثة وخمسة، كانت تقف خلفي، ولا أذكر أني ركضت، هربا منها، ربما لأني كنت أظن أن منتهاها النباح لا أكثر.

لكن حدثت المفاجأة أن عضني واحد منها في عضلة الساق من الخلف، فصحوت خائفا مرتعدا، أتحسس عضلة ساقي، واتباعا لهدي نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، استعذت بالله من الشيطان الرجيم ثلاثا، ثم حمدت الله أنه لم يكن إلا حلما وليس حقيقة، وما كنت أعلم أن ذاك الحلم لم يكن إلا إشارة عن خطر محدق، وعن عدو يتربص بي شرا، ويكيد بي كيدا، ويمكر بي والله خير الماكرين.

فتحت محرك البحث «جوجل»، لأبحث عن معاني الرموز التي وردت في ذاك الحلم، فوجدت أن الكلاب هي أعداء، وأن العضة هي أذى وشر يصيبني منهم، بينما ترمز دلالة مجيء العضة من الخلف للغدر، وبهذا بدا تفسير الحلم واضحا، لا يحتاج للبحث عن مفسري الأحلام.


أكملت نومي تلك الليلة، وما كنت والله أترقب شيئا، وما كنت أظنني سأرى حلمي ذاك يتجسد واقعا أمام عيني.

ووالله لم يمض إلا شهر واحد، ينقص أو يزيد قليلا، حتى نزل بي ما نزل من بلاء، وعرفت من تكون تلك الكلاب التي كانت في المنام. عرفت ذاك الكلب صاحب العضة القوية، وما كان بيني وبينه ما يستعدينا على بعض، ولكنه الوهم والمرض والغرور، إذ سولت له نفسه ما سولت، فمضى متكبرا متجبرا متغطرسا متدثرا ببشر يُضلله، فضل ونسي ضعفه ووهنه، وأنه مهما اغتر بحاله، فلن يخرق الأرض ولن يبلغ الجبال طولا.

لم أجد لي ناصرا من البشر، حيث بدا الأمر مرتبا بين تضليل وتلفيق وكذب وافتراء وتحيز. أيقنت حينها أن نصري لن يجيء من الأرض، وأن الله هو وحده العالم بما وقع، فرفعت الأمر لرب السماء، وظللت وما زلت أناجيه كثيرا وألوذ به معتصما، راجيا منه العدل، بينما يظن أولئك أنهم في أمان من تقلبات الأيام، وما يعلمون أن إمهال ربي لن يكون إهمالا.

مضت الأيام وما زالت تمضي، وأنتظر في كل أولئك أن يكشف الله أمرهم، وأن يذيقهم الخزي والعار في الدنيا والآخرة، وإنه لواقعٌ، عدلا من الله.