أصبح التغريب مصطلحاً يستخدم كسلاح لصنع البطولات.. فكل من يحاول أن يثبت للمجتمع أنه على حق يحاول البدء بصنع وهم وتخويفهم منه، ثم تقديم نفسه كمحارب مخلص، يريد أن يحميهم ويحمي الدين، مستغفلا إياهم، وهم يتجاهلون أن الله سبحانه وتعالى وحده من يحمي الدين بالمسلمين وإيمانهم، وليس بصناع البطولات على حساب الجماهير.
في كل مرة يتم النقاش فيها عن التغريب يقوم بعضهم بالاستشهاد بتقرير مركز راند، وهو التقرير الذي أصبح دليل من لا دليل له. أحد الدهاة يقول إن زيارة القنصل الأميركي لإحدى الصحف هي نوع من المشروع التغريبي، وهو لا يدري أن القنصليات وغيرها تشتكي وتحاول إيجاد حلول لمشاكل التأشيرات وغيرها بعد هجوم الصحف عليها، فتحاول زيارة الصحف لبحث هذه الإشكالية وطرح التعاون في خدمة المتضررين وفق القوانين المسموح بها في المملكة.
كل مشروع تنموي يعد تغريباً، لأن المؤامرة أصبحت مرضاً بدلاً من كونها نظرية فقط. الكل موهوم أن هناك عملاء من أبناء البلد يعملون في مواقع حساسة للتخطيط بالإضرار بالبلد. تأنيث المحلات النسائية تغريب، وتطوير القضاء تغريب، وسن قوانين لمنع التحرش تغريب.. ماذا بقي؟ غداً سيخرج بعضهم ويقول عن مشروعات المياه والكهرباء إنها تغريب، وخصوصاً الكهرباء، فقد يكون ذلك دعماً للمخترع العظيم أديسون، وتغريبا بالكهرباء.
لا توجد بيئة مناسبة للحوار بسبب لغة التزكية والوصاية الموجودة لدينا، ومحاولة زرع أوهام حول مشاريع الطرف الآخر على أنها قائمة على التغريب والانحلال وفرض رؤى الغير علينا. كل ما يحدث آراء ونقاشات عن حقوق للجميع، وطبيعة حياة يومية طبيعية لا تتضاد مع الشرع، بعيداً عن فرض العادات والتقاليد. لماذا لا تقبل هذه الآراء أو ترفض بطريقة حضارية؟ ولماذا أصبح التغريب شماعة من يريد أن يصبح بطلاً، وصار التشكيك في أخلاق الغير وذممهم، طريقا لإقناع الناس بخبث الآخرين، وصلاحي، ثم أبدأ مشوار البطولة من جديد؟