أكد أستاذ اللغة العربية بجامعة الملك خالد، الفائز بالمركز الأول لجائزة الباحة الثقافية الدكتور عبدالرحمن المحسني أن شعراء الباحة يعدون ركيزة أساسية من ركائز التجربة العربية الحديثة.

وقال المحسني عن بحثه الفائز بالجائزة ""توظيف التقنية في العمل الشعري.. شعراء الباحة نموذجا"، إننا نركب عنتا بالغا حين نزعم أن التقنية لا تؤثر في لحظة الإبداع المتأثرة أصلا بمعطيات التقنية المحيطة في التكوين الأساسي للمبدع"، مضيفا أنه يجب علينا أن نعيد النظر في كل ما حولنا وخصوصا الأدب الذي هو نبض الحياة التي تتحرك من حوله.

ولم يخف المحسني هاجسه الذي لازمه منذ سبع سنوات بحركة التقنية وتأثيرها على المساقات الإبداعية المختلفة، مؤكدا أنه قدم في هذا الصدد عددا من الأبحاث الأكاديمية المحكمة والمنشورة في عدة منافذ علمية، وكان من نتاج ذلك كتابه الذي تناول فيه الرسائل النصية القصيرة "خطاب الـSMS الإبداعي.. دراسة في تشكلات البنية".

ويرى أن بحثه الفائز بجائزة الباحة هو امتداد لذلك العمل الهاجس الذي يعنى بالتقنية ومقارباتها من العمل الشعري، مشيرا إلى أنه وجد الفرصة سانحة للتطبيق الشعري لرؤيته على شعراء منطقة الباحة كنموذج على التجربة السعودية والعربية بشكل عام حيث تناولت دراسة المنتج الشعري في بابين رئيسين أو مسارين يعنى أحدهم بالتشكيل العام للتجربة وفيه قراءة للمنتج الإبداعي تبدأ من العتبات النصية التي تشكل المفاتيح الأولية للعمل الشعري، وصولا إلى تأثير التقنية في حركة الإبداع من خلال تأثير الحاسوب على صناعة النص الشعري ابتداءً.

أما المسار الثاني للدراسة فيتناول نسيج البناء للنص الشعري الذي باتت التقنية تؤثر فيه بدءا من مستفزات التجربة التي تبثها القنوات التلفازية، إضافة إلى أدوار أخرى تؤديها تقنيات مثل الهاتف والمحمول والحاسوب إلى أدوار أخرى لتقنيات أدائية مثل اليوتيوب والبطاقات الشعرية.

وأشار المحسني إلى أن قيمة الجوائز - بشكل عام - تعيد للمرء ثقته في مشاريعه التي يعمل عليها وأن هناك من يقدرها.

وقال "حين جاءتني دعوة نادي الباحة للمشاركة في جائزتها كانت فرصة أن أجرب اتجاها أعمل عليه منذ سنين في دراسات وأبحاث تقرب التقنية من الأدب وتقدم دلائل على صلة وثيقة بين الأدب كمنتج إبداعي مشاعري وبين التقنية التي نبت فيها هذا الأدب؛ وهي وثيقة متأصلة لعلاقة لا يمكن تجاوزها أو إنكارها ، مضيفا أن جائزة الباحة طموحة، ومما يقويها حياديتها التي يشكرالقائمون عليها ،وأضاف أن النقاد الذين تعاطوا مع الأعمال أسماء اختيرت بعناية ولهم صرامتهم المنهجية وكتبهم شاهدة على ذلك، وينتمون إلى بيئات نقدية عربية من السعودية ومصر وتونس، وتعاملوا مع أبحاث مجردة من الأسماء ولذا فإن الباحث فخورجدا بجائزة هذه صرامتها، وهي صرامة أقصت عددا من الأبحاث لأسماء نقدية وأكاديمية كما بُلّغت من رئيس النادي. والذي أرجوه أن يكون هذا الكتاب الذي قدمته مفتاحا لأبحاث قادمة تقرب الأدب من ثورة التقنية التي نعيشها.

أقدم شكري في الختام لنادي الباحة الأدبي على هذه الالتفاتة الحصيفة لقراءة المنتج الإبداعي لأبناء المنطقة، وهو خط بحثي مهم يدفع إلي عدد من الدراسات الحفرية العميقة التي تنتج دراسات ذات قيمة كبيرة للأدب السعودي في بيئاته المختلفة مما يعزز بالتالي من قيمية الدراسات العربية للأدب الحديث.

وتمنى المحسني أن تلتفت وزارة الثقافة والإعلام لتأسيس جائزة تحمل اسمها، وأن تشجع الأبحاث الجادة التي تعتني بالمنتج الإبداعي السعودي وتقدمه للفضاءات العربية والإنسانية المتشوفة إلى ذلك، لأن منتجاتنا تعد امتدادا طبيعيا لتجربة شعرية عربية تأسست على ثرى هذه الجزيرة.