وبنظرة تاريخية سريعة على الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بشأن سد النهضة ونهر النيل نجد أن محكمة العدل الدولية قررت في عام 1989 أن اتفاقيات المياه شأنها شأن اتفاقيات الحدود ولا يجوز انتهاكها أو تعديلها.
وفي عام 1891 أبرمت بريطانيا باسم مصر والسودان اتفاقا مع إيطاليا- التي كانت توقع عن أريتريا- يقضي بالامتناع عن إقامة أي أعمال أو منشآت على نهر عطبرة يكون من شأنها التأثير بدرجة ملحوظة على مياه نهر النيل.
وفي عام 1902 أبرمت بريطانيا نيابة عن مصر والسودان اتفاقا مع إثيوبيا تتعهد بعدم القيام بأعمال على النيل الأزرق أو بحيرة تانا قد تؤدي للتأثير في مياه النيل.
وفي عام 1925 جرى اتفاق بين بريطانيا وإيطاليا يكفل اعتراف إيطاليا بالحق المسبق لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والنيل الأبيض، مع تعهدها بعدم إنشاء أي منشآت تؤثر على مياه النهر.
في عام 1929 أبرمت بريطانيا نيابة عن تنزانيا وأوغندا اتفاقية مع الحكومة المصرية يتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل ويعطي لمصر حق (فيتو) في حال قامت هذه الدول بأي مشاريع على النهر وروافده.
وقعت مصر بعد ذلك اتفاقية في عام 1959 مع دول الحوض تضمنت بند الأمن المائي يتضمن عدم السماح بإقامة أي مشروعات على حوض النيل إلا بالرجوع لدولتي المصب.
وفي عام 2010 وقعت خمس من دول المنبع اتفاقا تطالب بموجبه بالمزيد من مياه نهر النيل، وقد عارضت كل من مصر والسودان هذا الاتفاق. جدير بالذكر أن الاعتبار القانوني لاتفاقية 2010 يتلاشى لاعتبار الاتفاقيات التاريخية السابقة له.
ترى مصر والدول المتضررة من أعمال الإنشاء أو الملء للسد بأن من حقها الاعتراض استنادا للاتفاقيات التاريخية
وأشير هنا إلى سابقة قضائية دولية تتمثل في قضية كوستاريكا ضد نيكاراغوا في عام 1998، إذ تقدمت كوستاريكا بما يسمى (طلب التدابير التحفظية) لوقف الأعمال على نهر سان خوان بأمريكا الوسطى وقد قوبل الطلب بموافقة المحكمة آنذاك وفي عام 2015 نشرت محكمة العدل الدولية حكمها الذي يقضي بأن لكوستاريكا السيادة على الأرض المتنازع عليها وأن نيكاراغوا انتهكت السيادة الإقليمية لكوستاريكا.
وعليه فإن الاتفاق الملزم أمام المجتمع الدولي يجب أن تكون دول المصب والحوض مشاركة فيه، وهذا يتطلب كثيرا من العمل القانوني والدبلوماسي من أجل إيقاف الأضرار التي يصعب تلافيها لاحقا.