الداخل في إسرائيل ينتمي إلى عدة مجموعات بينها توترات عميقة، فالتوتر القومي بين العرب واليهود قائم وأبدي، والتوتر الديني بين العلمانيين والمتدينين قائم، والتوتر الطائفي بين اليهود الغربيين من المغرب العربي (سفارديم) وبين اليهود الشرقيين (مزراحيم) قائم، وأخيرا التوتر الإيديولوجي بين اليمين واليسار.
هذا من الداخل، أما النظرة لها من الخارج، فكان ينظر إلى إسرائيل على أنها الدولة المهددة من جيرانها والمحاصرة بأعدائها، إلى أن تحولت اليوم، خاصة بعد حربها الأخيرة في عزة، إلى دولة احتلال واستيطان عنصري، فـ«الصراع الذي برز بين عرب إسرائيل والمواطنين من اليهود سيؤثر أخطر تأثير على صورة الديمقراطية الإسرائيلية، التي كانت الاستثناء الوحيد في الشرق الأوسط». رون بن يشاي.
استخدم بعض كبار السياسيين الغربيين، مثل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، عبارة «أبارتايد» في الحديث عن واقع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أن رئيس جمهورية جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، اعتبر أن هذا النظام البغيض أصبح اليوم مطبقا في المناطق الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل، والرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أصدر، في 2006، كتابا مهما بعنوان «فلسطين: السلم لا التمييز العنصري»، بيّن فيه أن البديل عن خيار الدولة الفلسطينية المستقلة هو قيام نظام الفصل العنصري، الذي سيفضي في نهاية المطاف إلى القضاء على فكرة الدولة اليهودية.
لقد أدى تحالف نيتنياهو، في آخر 12 سنة، مع الجماعات الصهيونية الدينية المتطرفة، الداعمة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، إلى توطيد قوة الحركات الإسلامية المتشددة الرافضة منطق المصالحة والتسوية، في الوقت الذي انتقلت فيه المواجهة إلى داخل إسرائيل نفسها، حيث يمثل العرب خُمس سكان الدولة. القيادي الديمقراطي الأمريكي بيرني ساندرز اعتبر أن إسرائيل يحكمها اليوم نظام «قومي عنصري غير متسامح وتسلطي»، يمارس «الظلم السياسي والاقتصادي ضد الشعب الفلسطيني». وقال: «إن على الإدارة الأمريكية الجديدة، التي ترفع شعار حماية حقوق الإنسان، أن تقف بوضوح وحزم ضد سياسات الدولة الإسرائيلية القمعية، إذا أرادت أن ينظر إليها باحترام وصدقية في العالم».
«قاطعوا المنتجات الإسرائيلية».. هكذا هتفت الحملة المناهضة للعدوان الإسرائيلي مع تصاعد موجة رفض التعامل مع دولة الاحتلال في الكثير من الدول الأوروبية، وفي مؤسسات المجتمع المدني على الأخص، مما يعد تحولا خطيرا في الصورة الإسرائيلية.
أخيرا، خروج نيتنياهو من المشهد يطرح تحديات جديدة على الوضع السياسي في إسرائيل: فشل حلف الصهيونية الدينية والنزعة اليمينية المتطرفة، أما المعادلة البديلة، فهي مجرد «صفقة مؤقتة» لا مستقبل لها.