لم يعد من المستغرب أن تقوم والدة إحدى الطالبات بزيارة إلى مدرسة ابنتها فتجد أن الباب مقفل والحارس غير موجود، أو أن يكون في غرفته المجاورة للمدرسة يغط في سبات عميق بعد أن أحكم إغلاق الباب على الطالبات والمعلمات، وهذا هو أسهل الطرق وأيسرها لإحكام القبضة على هذا الجنس المشاكس اللعوب، وأنا على حد علمي لا أعرف وظيفة تصرف فيها الدولة رواتب وحوافز لينام أصحابها إلا وظائف حراس مدارس البنات، ففي الوقت الذي يجب على الحارس فيه أن يكون يقظا متنبها للمكان أو الشيء الذي يحرسه بحيث يعرف هويات الداخلين والخارجين وصفاتهم وأهداف هذه الزيارة وسببها، يغط حراس بناتنا أو جلادوهن لافرق في نوم عميق مغلقين الأبواب بالأقفال العملاقة لسد باب الخطأ أوالتفريط في تأدية هذا العمل. فمن المتعارف عليه إن خشيت أن تخطئ في عمل ما فلا تعمله أصلا.

ويزداد الأمر سوءا إن كان هذا التقصير بأمر من المديرات حيث تغادر إحداهن بعد أن تعطي أوامرها (للفتوات) الذين يعملون تحت إمرتها بوجوب إغلاق الأبواب وعدم فتحها لأي سبب كان إلا بإذن خاص ومباشر منها شخصيا، ضاربة عرض الحائط بكل تدابير السلامة والإجراءات الوقائية، حتى أصبحت المعلمات يدعين من باب الطرفة بالحفظ والسلامة لمديرة المدرسة رغم غضبهن وحنقهن وألايصيبها مكروه أثناء ساعات الدوام وبالأخص يوم الأربعاء إلا بعد أن تعطي أوامرها للحراس بفتح الأبواب.. حتى لايحبسن إلى يوم السبت أو حتى يتنبه لذلك أحد من خارج المدرسة.. وهذا الأمر لم يخرج عن دائرة الامتعاض في أوساط المعلمات من بعض المديرات اللواتي ينتهجن هذا السلوك حتى تناقلت المعلمات مؤخرا خبر إحداهن حيث شارفت على الموت عند بوابة المدرسة المغلقة وزميلاتها يتوسلن للحارس أن يفتح الباب دون جدوى، وزوجها في الخارج يضرب أخماسا بأسداس بين شجار ورجاء، حيث كان رد الحارس أن المديرة طلبت مني قبل أن تغادرألا أفتح الباب أبدا حتى تأمرني هي بذلك.. أخبروه أن هاتف المديرة مغلق دون جدوى، ومن لطف الله أن زوجته كانت تعمل في نفس المدرسة فاقتنعت بصعوبة حالة المعلمة وطلبت منه فتح الباب ففعل.. مازالت مدارسنا تحمل أعباء وتراثا ضخما من الأخطاء المتوارثة من جيل إلى جيل وتحتاج إلى التفاتة عاجلة وتصحيح.