وإنني إذ أشكره، فإني أعترف للجميع - حقيقةً لا تواضعًا - أن جهودي في خدمة الدين والوطن والقيادة، قليلةٌ جدًا بالنسبة إلى
ما يجب عليَّ شرعًا في حق الله وحق ولاة الأمر، وحق المسلمين، فالواجب عظيم وكبير تجاه ديننا ووطننا وقيادتنا، فنسأل الله أن يعفو عن التقصير.
إنني أدين الله تعالى: بأن القيام بخدمة الدين والوطن والقيادة، واجب شرعي، لا علاقة له بأمور الدنيا ومطامعها، فكما نتقرب إلى الله بالصلاة والصيام، فإننا أيضًا نتقرب إليه سبحانه بالدفاع عن وطننا الذي هو مهبط الوحي، ومنبع الإسلام، ومأرز الإيمان، وعاش على أرضه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه الحرمان الشريفان، والمشاعر المقدسة، ونتقرب إلى الله كذلك بمحبة ولاة أمرنا والسمع والطاعة لهم بالمعروف، وعدم منازعتهم الأمر، وجمع الكلمة عليهم، ودفع شبهات أهل الضلال ضدهم، لأن القرآن والسنة دلّ على ذلك، فالذي قال سبحانه (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) هو الذي قال سبحانه (وأولي الأمر منكم)، فكما نطيعه سبحانه بأداء الصلاة والصوم وسائر العبادات، فكذلك نطيعه بامتثال أمره سبحانه بالسمع والطاعة لولاة أمرنا وعدم منازعتهم، ولا فرق.
وأما الأحاديث النبوية الدالة على السمع والطاعة وعدم الخروج على ولي الأمر باللسان أو السنان، فكثيرة جدًا، ذكرها الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما وغيرُهما في غيرِهما، بل حتى لو رأى الإنسان ما يكره، فليس له الإثارة والمنازعة، والدليل على ذلك ما رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن رَأَى من أمِيرِهِ شيئًا يَكْرَهُهُ فلْيَصْبِرْ عليه، فإِنَّهُ ليس أحدٌ يُفارِقُ الجَماعةَ شِبْرًا فيَموتُ، إِلَّا ماتَ مِيتةً جَاهِلِيَّة» فكما ترى جعل عدم لزوم ولي الأمر، دليلا على مفارقة الجماعة، ولاحظ أيضا أنه قال «فليصبر» لم يقل: فليشجب، أو فليحرّض، أو فليظاهر، أو فلينازع، كلا، بل قال «فليصبر» ولو كان ثمة كلمة أنفع للناس من هذه الكلمة لقالها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو أفصح الناس، وأعلم الناس، وأنصح الناس، وأشجع الناس، عليه الصلاة والسلام.
إن الدفاع عن الدين والوطن والقيادة، أمر شرعي، لا يخضع للمعارضة، كما يفعل مع الأسف بعض من لم يلتزم بالعقيدة الصحيحة، تجده إن أُعطي شكر، وإن لم يُعط سخط والعياذ بالله، كما أن ذلك لا يخضع أيضًا للتملق والارتزاق والمزايدة والتلون، كلا، بل هو عقيدة يتقرب بها العبد إلى الله، يرجو ما عند الله، وفي الحديث الذي رواه البخاري(ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم...) وذكر منهم: ورجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه منها لم يف».
وإذا كان أمير حائل وفقه الله أحسن الظن بي، وجعلني من المكرمين في جائزته، وقال لي وأنا على منصة التكريم، تكريمك تكريم لي.
فإن ذلك يسرني، ومصدر السرور ليس التكريم، وإنما ثقة ولاة الأمر بشخصي هي التي تسرني، وأرجو أن أكون أهلا لذلك.