وفقا لتقديرات الفلكيين فإن هذا القرن مشع ما يعادل (100) من القرون الماضية.
فإذا قارنا مجموع المنجزات لجميع بني البشر من قبل، فسندرك أن الاكتشافات والتقدم العلمي والحضارة المادية في هذا القرن، تساوي أو تتجاوز ذلك التقدم من قبل إلى حد بعيد والنتائج في القرون المئة السابقة.
إنتاج الكتب والمصنفات في الأدب على وجه التحديد يدل على أن أداء ومحصلة الذهنية البشرية كان أكبر وأكثر غنى بالمعلومات والبيانات في هذا القرن عما كان عليه في كل القرون السابقة مجتمعة.
لذلك من الواضح أن هذه الألفية الثالثة غاية في الأهمية.. التفكير في تحقيق المعجزات متزايد، وهي تتسم بالاكتشافات في كل ميدان من ميادين البحوث الإنسانية والاختراعات والمعرفة العلمية، والإصلاحات الأخلاقية واللوائح الموضوعة لرفاهية البشرية، والظواهر الجديدة والظروف لم تكن معروفة للإنسان، لكنها أصبحت الآن متاحة لمصلحته، ولإجراء مزيد من البحوث.
والرياضة عامة وكرة القدم خاصة تسير وفق هذا النسق من التطورالسريع والمذهل، فمن يتوقف عند بيانات الرياضيين طيلة الدورات الأولمبية منذ عام 1896، ونهائيات كؤوس العالم منذ عام 1930، تسترعي اهتمامه وفضوله الفوارق الكبيرة جداً لتلك الطاقات البشرية التي أنجزت ما يتخطى التقديرات والاستشرافات الفنية.
إن الألفية الثالثة للرياضيين وللاعبي كرة القدم حقبة مختلفة تماماً عما عرفه نظراؤهم من رياضيي ولاعبي الألفية السابقة.
ويبقى المعجزة الكروية ميسي أيقونة كرة القدم العالمية دون جدال، فما ساهم به من إنجازات خرافية أمر لا يصدق لسببين، أولهما أنه اختزل السنوات التي عادة ما تكون محصلة مفترضة لتحقيق الإنجازات الكبرى، فعلى الرغم من سنيه الأربع والعشرين إلا أنه حصل على مكتسبات فردية لم تتحقق لجميع لاعبي الكرة بتاريخ هذه اللعبة، وكسر أرقاماً صمدت عشرات السنين إلا أنها انحنت أمام فرط موهبته وجسارته ومثابرته، فحطم رقم غيرد موللر وهو تسجيل 68 هدفاً في موسم واحد، كما ألحق الأسطوري الأسكتلندي آرشي كوك بالقائمة المتداعية في عالم الأرقام الكروية بتحطيمه أمام إسبانيول رقمه المتمثل في تسجيل 70 هدفاً في موسم واحد فقط، حيث تمكن ميسي من تسجيل رباعية منحته المعادلة ومن ثم تخطي الرقم والوصول للهدف 72 مع بقاء فرصة مباراتين اثنتين ربما يسجل فيهما هدفاً أو جملة أهداف، لنصل إلى حقيقة مؤداها وبما أن كوك ظل منذ عام 1925 محتفظا بهذه الميزة والفرادة، فإن من المستحيل ملامسة هذا الرقم في هذه الألفية إلا من خلال ميسي.
وثانيهما، بات ميسي محور نظامنا الكروي العالمي، ومركزاً للإشعاع فيه، فكما هو معلوم، كل شيء خلق لديه درجة أو مرحلة من النضج، لذا فهذا اللاعب الخارق للعادة.. أتم دورة النضج في أدائه وموهبته وطموحاته وتطلعاته، وله خاصية لا تتوافر لأبناء جيله تتمثل بالشمولية من المهتمين بموهبته وعطائه كلاعب كرة قدم، فالحديث عنه لم يتوقف على إعلام رياضي إسباني أو أرجنتيني أو من متعاطفين بالمواقع الإلكترونية وحسب، وإنما شاهدنا وسمعنا رؤساء دول يستشهدون باسمه (أوباما)، وممثلين عظاما (عادل إمام)، ومغنين أساطير (خوليو إيغليسياس)، وعمالقة مشاهير (كوبي براينت) وغيرهم، إلى جانب دخوله ترشيحات واستطلاعات دولية لا صلة للرياضة بها، لكن صيته وموهبته فرضت إدراجه في تلك القوائم كما فعلت النيوزويك والتايم.
بكلمات أخيرة، لقد غير ميسي في كرة القدم وجماهيرها وإعلامها وإحصائياتها كثيراً.