على الرغم من امتلاك عدد من مؤسسات العمل لتقييمات سليمة علميا لاختيار الكفاءات القيادية والإدارية، إلا أن أساليب تسويق الناس لأنفسهم عند تعبئة هذه الاستبيانات قد يجعل من الصعوبة بمكان تحديد الأنماط الرئيسية في القيادة عند هؤلاء المرشحين، كما أن الاعتماد الكلي على المؤهل العلمي وبلد المنشأ والجهة المانحة لهذا المؤهل قد يكون عاملا آخر في عملية الحيود عن التمييز بين الكفاءات.

السبب الرئيسي لوجود ثقافة غير صحية وانخفاض مستوى الأداء في أي مؤسسة عمل يعود بشكل كبير إلى جودة قادتها، فالقادة الجيدون يكون شغلهم الشاغل رفع مستويات الاندماج والإنتاجية والثقة والولاء المؤسسي. اختيار الكفاءات القيادية ليس بالأمر السهل بل يعد تحديا كبيرا لكل مسؤول عن مؤسسة عمل، والذي تقع على عاتقه مهمة اختيار الكفاءات على أساس الموهبة والإمكانات، بغض النظر عن اعتبارات الجنس والقرابة والقبيلة والولاء الشخصي. ويظل التحدي الأكبر في كيفية تقييم الكفاءات القيادية من حيث وجود الموهبة القيادية والقدرة على معالجة المخاطر وتجنب الأخطاء ووجود الكاريزما المؤثرة في الآخرين والعمل من أجل النجاح وتحقيق الأهداف من خلال خطط عمل مدروسة. وهناك حاليا تقييمات ذاتية يمكن استخدامها للتنبؤ بانعدام الكفاءة القيادية، وتستطيع مساعدة صاحب القرار، وذلك لأنها تقيس الثقة المفرطة والنرجسية وعدم الاهتمام بصفات التواضع والقدرة على قيادة الأفراد وفرق العمل. إن اختيار الكفاءات القيادية يجب أن يتم من خلال اختيار كفاءات تؤمن برؤية ورسالة المؤسسة وتسعى إلى تحقيقها ولها القدرة على تشكيل ثقافة ورؤية موحدة للموظفين لتحقيق الأهداف والنجاح المطلوب.

وفق استطلاع رأي أجراه المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في الولايات المتحدة وجد أن %85 من الرؤساء والمديرين التنفيذيين يؤمنون بأن وجود ثقافة وبيئة عمل غير صحية سيؤدي إلى انتهاج سلوكيات خاطئة بما في ذلك السلوكيات الأخلاقية كالفساد وإهدار المال العام. كما أن معظم الإحصائيات تؤكد أن ما يقارب %45 من الموظفين لا يلتزمون برؤية مؤسسة العمل ولا يساهمون في تحسين بيئة العمل وجعلها أكثر جاذبية وإنتاجية، وتقع مسؤولية هذا الخلل على القادة والرؤساء المباشرين مما يقودنا إلى الإشكالية الأولى وهي آلية اختيار القادة والمشرفين ورؤساء الأقسام لتولي هذه المناصب.


من أهم مميزات العمل القيادي القدرة على بناء ثقافة التمكين للموظفين والتي تهتم بثلاثة جوانب أولها الحرص على أن يكون دور الموظف متوافقا مع اهتماماته وقدراته وإثارة حماسه، وثانيها القدرة على بناء علاقات في العمل، ولهذا يجب الاهتمام بالجانب الاجتماعي وبناء فرق العمل والتحفيز والتقدير بشكل متكرر، والسماح بالتعبير عن الآراء على جميع مستويات المنشأة، والجانب الثالث هو بناء روابط بين الأدوار الوظيفية وغاية المؤسسة، ورغم أن هذا ما يهدف إليه تقييم الأداء والذي تم استحداثه مؤخرا إلا أن جميع المؤسسات تواجه مشكلة حقيقية في تطبيقه عمليا. إن تقييم الأداء وربط مهام الموظف بأهداف المؤسسة سيجعل الموظفين يشعرون أنهم جزء من نجاح المؤسسة وسيجعلهم أكثر قدرة على الإنتاجية والكفاءة.