أهم ما يحتاجه الشباب في مجتمعاتنا اليوم، الصلابة في تكوينهم النفسي والفكري، ولا يعني ذلك اللجوء إلى الضخ العقائدي لتعزيز الشخصية، بل يعني تمكينهم من أدوات المحاكمة العقلية، وتزويدهم بالأدوات التي تجعلهم قادرين على تأمل ما يبث إليهم وتحليله، والتعبير عن آرائهم بقوة وثقة نفس، دون إحساس بالنقص أو الخوف، وهذا ما توجهت إليه وزارة التعليم في تطوير واستحداث مناهج بعيدة عن الأساليب القائمة على التلقين، ومن أهم تلك المناهج «منهج التفكير الناقد»، الذي يعني بناء آليات للتفكير تخرج به من كونه تفكيراً يعتمد على التسليم والموافقة والاعتناق والتعامل مع المعطيات على أنها مسلمات وثوابت إلى تفكير يعيد النظر ويخلق الأسئلة والمراجعات التي تحاور الفكرة أو الحكم أو المعنى.

ويسهم ذلك في بناء طريقة تفكير جديدة لدى المتعلم، بما ينتج عنه تطوير لآلية تقبله ومعالجته للمعلومات التي يتلقاها، ومحاكمة أي خطاب يمكن أن يتعرض له، مما يساعده على التصدي للأفكار والشائعات، ويبعده عن التعصب والتطرف.

وللتفكير الناقد أهمية جلية أوجز منها:


- يدفع المتعلمين إلى عدم التسليم بالمعارف دون التحري في تفاصيلها.

- يساعد على تفهم وجهات نظر الآخرين والاستماع إليهم بعقلية منفتحة، وإن كانت مخالفة لأفكارهم.

- يسهم في تنمية مفاهيم العدالة والأمن، وبالتالي التقليل من الجنوح الأخلاقي ونسبة الجريمة في المجتمع.

- يسهم في الانتقال من الخبرة الحسية إلى المجردة، ويبعدهم عن الانقياد العاطفي والتطرف.

ومما لا شك فيه ستنتقل تلك المهارات التي اكتسبها المتعلم من المدرسة إلى الحياة، لتؤسس تحولاً حقيقياً في الوعي والتفكير، من شأنه أن يعزز الوعي المدني والسلوك المتحضر والقيم الوطنية، ويجابه التطرف والأحادية والانغلاق.