لم تصدر القرارات العليا الأخيرة إلا لأجل صالح المواطنين الكادحين والطبقة المتوسطة التي إذا اضمحلت ستتسبب في مشاكل اجتماعية ولم تكن لأجل استغلال المواطنين واستنزاف جيوبهم، نتيجة غياب الرقابة والعقوبات الصارمة من الجهات المسؤولة، فالقرار الصادر منذ أكثر من عام الذي ينص على رفع رواتب المعلمين في المدارس الخاصة، سيطبق العام القادم ويتم استغلاله أسوأ استغلال من قبل أصحاب المدارس الأهلية جميعها، الجيد منها وحتى الرديء قد رفعت رسومها من 20% وحتى 50 % تقريبا بحجة زيادة رواتب معلميها! الأمر الذي سبب أزمة لكثير من الأسر أدخلوا أبناءهم إليها نتيجة بطء التطوير في العملية التعليمية بالمدارس الحكومية والتي هي "محلك سر"!
وما أستغربه أن الدولة تُسهم من صندوق الموارد البشرية بدفع جزء من رواتب المعلمين في المدارس الخاصة، هذا بجانب المعونات المالية التي تدفعها لهم وزارة التربية والتعليم عن كل طالب يدرس فيها! وكل هذا لرفع مستواها التعليمي ومنع استغلال الأسر، لكن ذهب هذا مع "أدراج الرياح" فقد وصلتني الكثير من الرسائل والشكاوى من أهالي الطلاب والطالبات بالمدارس الخاصة يشكون زيادة الرسوم بشكل غير معقول! مما شكل أمام الأسر عائقا لاستمرار أبنائهم بها، خاصة حين يكون للأسرة ثلاثة أو أربعة أبناء أو أكثر، إذ يصعب دفعها لكل منهم في ظل اعتمادهم على رواتبهم التي هي رأسمال معظم الأسر السعودية!
والسؤال هنا؛ ما دور وزارة التربية والتعليم وقسمها المسؤول عن التعليم الأهلي؟ وما سبب إعطائها الخط الأخضر في استنزاف الأسر ماديا؟ ولماذا تتعامى الجهات الرقابية المسؤولة بوزارة التربية والتعليم ووزارة العمل عن هذا الجشع البائن؟ صحيح، أنه لا مانع من وجود زيادة معقولة كـ 3 ـ 5% لتحسين مستوى بنية التعليم بهذه المدارس، لكنها تصل من 20 لأكثر من 50% !! فماذا يُمكن أن يسمى ذلك سوى استغلال؟! في ظل مساهمة الدولة في دفع رواتب المعلمين لديها وفي ظل المعونة التي تحصل عليها من الوزارة!؟ ولهذا، وأمام استمرار هذا التعامي دون رقابة ومساءلة وتقنين، فأنا أطالب بقطع المعونة عن المدارس الخاصة وتوجيهها إلى المدارس الحكومية فهي أولى بها، لتحسين بنيتها التعليمية التي للأسف نعرف جميعا ما تعانيه من مشاكل وضعف، وحتى يتسنى للأهالي أن يجدوا خيارا إيجابيا بعد هذا الجشع من تجار التعليم، وإلا أنصح الأهالي بإرسال أبنائهم وبناتهم إلى مدارس خاصة في دول أخرى، على الأقل ليشعروا أن الرسوم العالية التي يدفعونها في محلها.