باختصار «ما صدر عن وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبة لا يعكس موقف الدولة والرئيس عون». –(الرئاسة اللبنانية، مايو 2021).
على مستوى الدبلوماسية: فن وإدارة وكفاءة، وعلى مستوى التعبيرات الشخصية: جوهر الطبيعة الحضارية في علاقات الدول والشعوب، فأما كيف هي على مستوى اللغة الدبلوماسية: منهجية متعددة تتشكل حسب المصلحة عندما تصدر عن شخص دبلوماسي وسياسي مخضرم. عبر التاريخ رئاسة أي طائفة تتناقض مع الطوائف الأخرى بأبسط طريقة يتم إقصاؤها مراراً وتكراراً، لذلك لن تنجح هذه الطائفة في أي سلطة تشريعية أو تنفيذية أو قضائية، وهنا تسلط الأضواء على رغبة وأهداف هذه الطائفة لتعريتها على أنها لزعزعة استقرار الدولة السياسي والاقتصادي والاجتماعي لمصلحة وعلاقات أخرى، ولكن في الحقيقة هي تعقيد للمهام حتى تصبح طلاسم وتعاويذ يصعب على النسيج اللبناني فك أسرارها وألغازها وأقوى هذه الطوائف ما يسمى «حزب استياء» دون أن تقابله طائفة بنفس الاستياء والمساواة يسود ويسيطر على كافة مفاصل ومفاتيح الدولة، وفي المحصلة رئاسة طائفية ذاتية قوتها طمس أي قوى تسعى للحرية والتغيير.
النصر على حساب العذاب المطلق. الآن قطعا لا يمكن تصحيح أو تعديل أو حتى مسح المسار الدبلوماسي، القلم من الدم، عندنا كما قال الله تعالى: «ن والقلم وما يسطرون، ما أنت بنعمة ربك بمجنون»، وقال تعالى: «اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم».
عقلا من الخطر أن يدير هذه الحقيبة بانسياب شخص جاهل أو أرعن، خاصة في ظل الأمواج الموجعة المتكررة على دولة مسروقة وشعب مهجر، عرفت من الويلات والحروب والفساد ما أدركت لا يقدم إلا عرضاً موجزاً عن رعد من الإحساس بالقهر. فهل تغيرت أركان الدبلوماسية؟ طبعا لا.. ولكن أصبحت التيارات الدبلوماسية أكثر تقدماً وتطوراً بما يكفي لتتحدى الأعراف والتقاليد الدبلوماسية العامة، ولحاجة الرئاسة الطائفية المستمرة للاستدامة في خلق زوبعة إقليمية ودولية ليتسنى للطوائف الأخرى موازنة المصالح مع أعضاء البرلمان والأحزاب السياسية في الاتجاه بتأملاته على النحو والصورة التي يرتضيها لنفسه.
فعندما يظهر من يدعي النبوءة بين العنصرية والوطنية ندعي له بالفضيلة، ولعل أشهر من ادعوا النبوءة "ج. ب" بأن هذه الديمقراطية التي تميزهم عن سلفهم لا بد منها لتبقى لبنان حرة بتقاليدها وتراثها وعقيدتها الدينية، ولكن أظهر الله كذبهم. إن نوعاً معيناً من الدبلوماسيين والسياسيين يستطيع تحمل مسؤولية منصبه كوزير لوزارة الخارجية، وهو عادة شخص صارم وحازم لا يتخلى عن رأيه، كما رأينا والعالم في المرحوم، بإذن الله تعالى، الأمير سعود بن فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، خلال ما يقرب من أربعة عقود قضاها كوزير للخارجية.
خاصة عندما تتعلق القضايا بالأمة العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ومبادرة السلام العربية التي تبنتها المملكة العربية السعودية، ولا يمكن أن ننسى أو أن نتجاهل الحرب الأهلية اللبنانية والدور الهام الذي قام به، ظل كأحد أهم وأبرز الأمثلة الدبلوماسية في وأد الفتن.
وبالتالي وبالنسبة لبعض التصريحات المسيئة والأفكار الملوثة لبعض هذه الطوائف، لن يكون مفاجئا أن تتعامل مع الشعوب والدول بالنموذج النمطي (إقصاء وتهميش وتمييز بين البشر) بطريقة محايدة للعلاقة الدبلوماسية الأكثر نضجاً.
عند هذا المنعطف الخطر، وفي هذا المنزلق الحاد لا يمكن تفادي المزيد من الإحراج لما تعنيه الرئاسة من تصريحات وزير الخارجية، ذلك الشخص المبتورة تأملاته المقيدة اتجاهاته، الذي تم تحويله في النهاية إلى «جبيل صغير» بمثل هذه القوة الفاشية، على الرغم من تاريخه الدبلوماسي والسياسي والأكاديمي العريق، فكان مستقره بقايا كحفريات عن بقايا دبلوماسي أظهر نمطاً جديداً من السلوكيات والممارسات الدبلوماسية المذمومة، لذلك على السلطة التنفيذية (رئيس الدولة) الاعتذار إلى كافة طبقات المجتمع اللبناني أولاً، ثم حل جميع الطوائف والأحزاب البرلمانية، وتجديد الوحدة والحرية، وإرساء إيديولوجية ديمقراطية شعبية، على الرغم من الاجتياحات المتطرفة المتكررة التي شهدتها هذه الرئاسة المرتهنة، والمبادرة إلى سرعة الاعتذار إلى المملكة العربية السعودية خاصة، ودول الخليج العربي عامة، هذا طبعاً إذا كانت هناك أصلاً حكومة أفراداً أحراراً بالدبلوماسية المستقلة لا يفرض عليها ضرر شعبها.
ولدت الجمهورية اللبنانية على صدى حناجر الأحرار وقوة الوحدة العربية، وازدهرت حتى احتلت مكانة غير تقليدية في قلب العالم، على الرغم من أن الرئاسة طائفية حزبية في الأساس، يكمن الجمال الحقيقي في الإصرار على النضال المستمر من أجل التغيير والخروج من قيود المرتزقة، ومحلول الطائفية السام، والحزبية اللزجة الملوثة الذي يعايشونه، سواء كان واقعاً مادياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً، إلخ... المهم أن يكافح كل شخص على المستوى الذاتي فالعائلي ليتقدم إلى المجتمع، فيلتزم الشعب إلى الوصول إلى الحرية والمساواة (الديمقراطية) التي يبحث عنها سواء وافق عليها أو رفضها.
وزير الخارجية يعد القلم الجارح أو الهدام أو المكسب من خلال ما يقدمه بين الدم والحبر من أجل عكس الصورة الفكرية السياسية والإقتصادية والاجتماعية والدينية في نظر الشعوب والدول الأخرى. ولعلي أقول هنا: الهدف من المحاورة والاختلاف في الآراء والمساومة هو التواصل للوصول إلى الحقيقة، وربما قد نكون استفدنا من تجارب واختبارات الآخرين في صياغة وإدارة علاقات سياسية ودبلوماسية أشمل لتجنب التعقيدات والعنف والحروب.
وختاماً، يظل للشعب اللبناني السيادة المطلقة في تقرير علاقاته الدبلوماسية ونوعها سلباً أو إيجاباً، ولكن برضا وقبول الدول أصحاب العلاقة، وتبقى وسائل الاتصال بين الدول حتى في أحلك الظروف والأزمات الدبلوماسية والسياسية بهدف الإصلاح وبغرض دفع الضرر وتحقيق التقدم والمصلحة المنشودة.
ونسأل الله عز وجل الاستغناء بالحق عن التورط بالباطل، والحمد لله رب العالمين وهو يهدي إلى الصراط المستقيم.