عندما تجتمع الشيمة والمروءة والنصرة في قلب إنسان فهذه لعمري قمة الإنسانية لأنها تجلت في أروع صورها.. وحين تكون تلكم الأيادي من نبع الكرم فهذا ديدن ألفه العرب منذ القدم، فكانت مآثرهم مضربا للمثال في الجود والذود بالوقوف والمؤازرة مع كل ذي حاجة، فلا عجب أن تخرج من قلب الكويت الأبية صاحبة قامة وهامة وفزعة يعربية الأصل عُرفت بـ«مرايم الخير» هذا الاسم الذي استقر في وجدان البسطاء بمشارق الأرض ومغاربها وهي تسعى بكل عطف للملمة مواجع كل بسيط دون أن يعلم.

اتسمت هذه الشيخة بصفات النبل والعطاء ومساندة الفقراء خلال تاريخها المليء بالعون، ولعل البعض يتساءل لماذا مرايم الخير، وما هي الصفة التي تجعلني أكتب عنها وهي لا تعرف من نحن، بيد أن الأعمال الجليلة التي تقدمها هذه الإنسانة في بقاع الأرض ترغم كل من رأى وسمع أن يصف مآثرها.

أوغلت هذه الأميرة في رحلاتها المكوكية إلى مشارق الأرض فذهبت إلى أبعد النقاط شرقا حيث الفقر المدقع وغربا إلى أدغال إفريقيا، لا يهدأ لها بال وهي لا تعترف بطريق اليأس وقد أتعبت من معها وهم يصولون ويجولون بحثا عن عثرات هنا وآلام هناك.. ذات يوم علمت أن أهالي عدة قرى في إحدى بقاع الأرض يعانون من شح المياه التي تبعد عنهم مسافات حتى أرهقت كواهلهم للوصول إليها، فاتصلت بمسؤولين ومهندسين وشركات متخصصة لمعرفة كيفية إيصال المياه لتلكم القرى، كانت كقلب زبيدة زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد، حين أوصلت المياه للمسافرين من بغداد إلى أطراف مكة، فوضعت «مرايم الخير» خزانات ضخمة طوال الطرق المؤدية لتلكم القرى لتضخ المياه وتنساب لتصل إلى حلوق ناشفة وأفواه ظمئة.


ولم يهدأ لها بال حتى ذهبت وشاهدت وصول الماء ينساب في كل بيت.. هذه المناقب ما هي إلا جزء لا يتجزء من معدن لأسرة كريمة ظهرت فيهم هذه الشيخة ذات السمو النبيل وبلا شك هي سليلة أسرة عريقة انتشرت أفعالها في بقاع الأرض بنفس طيبة وقلب رحيم لا يردهم عن العطاء بعد مسافة أو طرق مسدودة.

وتبقى الفاضلة «مرايم الخير».. الصورة المشرقة للمرأة العربية وهي مرآة لكل عمل خير تزرع فيه الابتسامة على الشفاة وتشرح قلوبا كانت مكلومة بالمواجع والألم.