فنقول: قبل البعثة النبوية، كانت جزيرة العرب صحراء قاحلة، لا تملك من مقومات الحياة إلا الكعبة في مكة، وبعض المزارع في يثرب (المدينة المنورة) وخيبر والطائف، ومع ذلك كان العرب يملكون أهم مقومات الحضارة البشرية من مكارم الأخلاق مثل الشجاعة والكرم والوفاء والأنفة، وفي الوقت نفسه كان عرب الشمال يمتلكون كل مقومات الحياة، من أنهار وبحار ومزارع وأمطار، ومع ذلك كانوا يعيشون حياة الذل والعبودية لدى مملكتي فارس والروم، ولم ينفعهم ما أنعم الله به عليهم، ولم يبنوا حضارة.
وبعد البعثة النبوية، انطلق أبناء شبه الجزيرة ليحرروا عرب الشمال من العبودية، ويبنوا حضارتهم على أرض الشام والعراق التي استمرت ما يزيد على ستة قرون، وبعد سقوط الخلافة الإسلامية عاد سكان شبه الجزيرة حياة البادية محافظين على دينهم وأخلاقهم، على الرغم من عدم وجود مقومات الحياة والحضارة في أرضهم، وعاد عرب الشمال لما كانوا عليه من عبودية لدى دول الاستعمار، على الرغم من وجود كل مقومات الحياة والحضارة لديهم، وأصبحوا يتغنون بما يقدمه المستعمر، ويعتقدون واهمين أن هذه هي الحضارة، وبعد أن منّ الله على سكان شبه الجزيرة بقيام دولة التوحيد، وأنعم عليهم بخروج النفط من أرضهم، فاستثمروه واقاموا حضارتهم التي يشهد لها العالم أجمع في فترة وجيزة، بينما لا يزال عرب الشمال ضائعين بين وهم الحضارة الزائفة التي ذهبت مع ذهاب المستعمر، وبين الحقد والحسد على الحال التي وصل إليها سكان شبه الجزيرة، فنجدهم يحاولون التقليل والطعن في إنجازاتنا، ويزعمون أنهم من قاموا ببناء هذه الإنجازات.
لذلك نقول لهم ولغيرهم: نعم نحن بدو، عندما لا نملك مقومات الحياة، فإننا نملك أنفسنا وأخلاقنا، وعندما ينعم الله علينا نستثمر هذه النعم، فتجدوننا في صدارة العالم حضاريا، لأننا لا نرضى بغير القمة.