لباسها لا يستر، ولحافها لا يدفئ، تمهل كثيرا وتأخذ على غرة، من صاحبها خذل، ومن أطاعها هلك، جملة لا تعرف مبتدأها من خبرها، فعلها من فاعلها، لا حال ثابت، ولا صفة حسنة، لا تؤكد ولا تنفي، تقبل الصواب والخطأ، العدل والظلم، على حد سواء، تعليمها مر، طويل المدة والأجل، ثماره خير لا قاصٍ ولا دانٍ، أو شرٌّ غير ماحٍ لكل خيرٍ كان.
قد وصفها سبحانه وتعالى، فقال: «وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ». وقال تعالى: «إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (يونس ٢٤).
وقال صلى الله عليه وسلم: «لو كانت الدُّنيا تعدِلُ عند اللهِ جناحَ بعوضةٍ ما سقَى كافرًا منها شرْبةَ ماءٍ». ويقول الحسن البصري: «الدنيا أحلام نوم أو كظل زائل، وإن اللبيب بمثلها لا يُخدع».
وقال الشاعر حسن الهبل:
هي الدنيا وأنت بها خبير
فكم هذا التجافي والغرور
تدلي أهلها بحبال غدر
فكل في حبائلها أسير.