لسان الخمسيني العاشق المغلوب على أمره.. الذي تم إخراجه عنوة من دروب الهوى والغي، ومدارج العاشقين، ووضعه قسرا على رصيف الشيخوخة.. فأصبح لدى بعض محرري الصحف كهلا وشيخا تلاحقه غرائب الأخبار وعجائبها، وخلف كل خبر يتعلق بهذا الخمسيني ألف علامة تعجب! خمسيني يتزوج طالبة جامعية! زواج خمسيني من فتاة في العشرين من عمرها! مطالبات بتدخل حقوق الإنسان لمنع زواج خمسيني بشابة! وكأن هذا الخمسيني قد ارتكب منكرا عظيما.. وكأنه يسير على عكازتين.. وكأنه يتهادى بين رجلين.. وكأن هذا الخمسيني ليس رجلا يحب ويعشق الجمال، وتذوب روحه حينما يرى فتاة جميلة مياسة القد تتمايل أمامه ويردد مع العشاق:

"هم بروني وأنا عودي رفيع ياعلي مثل مايبرا اليراع"!

الرجل يظل شابا طيلة حياته طالما يمتلك قلبا أخضر.. يظل يعشق ويحب ويخفق قلبه.. ولذلك أحزن بشدة حينما يتم إلصاق بعض الصفات المحبطة برجال في سن الخمسين وما فوقها.

"اقرأ جماعتك وش كاتبين"! ناولني إحدى الصحف المحلية.. فتحت الصفحة فوجدت: خمسيني يتزوج من فتاة في العشرين من عمرها! قلت له: وسّع صدرك.. اجتهادات محررين.. والإنسان المجتهد له أجران.. أجر إن أخطأ وأجر إن أصاب! فتح فوهة المدفع: "وين المشكلة يا أخي؟ الرجل في الخمسين يقدر المرأة.. يدللها.. يمنحها الحب والحنان، يهيم بها، يهتم بها كلوحة ثمينة.. يحافظ عليها كألماسة نادرة.."!

كان الرجل جادا في نقاشه؛ ولذلك رجائي من زملائي المحررين حينما يتناولون مادة صحفية تتعلق برجل في الخمسين من عمره أن يبتعدوا عن مفردة "خمسيني"، لأنها تنطوي على إيحاءات مؤلمة.. ارحموا الخمسيني حتى وإن أدركته سن الخمسين فهو ما يزال شابا.. ولا تلوموه حينما يعشق ويخفق قلبه ويحب ويتزوج.. ارحموه ولا تعذلوه ولا تكثروا من ملامته.. "هلي يلوموني ولا يدرون.. والنار تحرق رجل واطيها"!