سبق أن كتبت في مقالين متتابعين بعنوان «محمد بن سلمان رجل استثنائي»، وكان ذلك في 2019، وذكرت ما جاد به القلم، وعلى الرغم من أنني حاولت أن أغطي العناصر الإيجابية الكثيرة في شخصية هذا الإنسان، لكنني اكتشفت أنني لم أفيه حقه، فالإبداع عند سموه لا يتوقف.

هناك مجلة «التايم» الأمريكية التي درجت على تسمية شخصية عالمية أو أكثر كالشخصية الأكثر تأثيرا في عام ما، وقد أدرجت عشرات الشخصيات، وإن كان أكثرهم سياسيين، وأرى أن ولي العهد يستحق أن يكون شخصية العام، بل كل عام، فآلة الإبداع والإنجاز عند سموه لا تتوقف، فواحدة من هذه المبادرات أو أنصافها كنا عندما نراها نعيد ونغني أغنية أم كلثوم، كلمات أحمد رامي وألحان السنباطي، «يا ليلة العيد آنستينا وجددت الأمل فينا».

واسمحوا لي أن أقتطف من مقاليي الماضيين بعض الجمل ببعض التصرف والإضافات، فقد قلت:


- نحن لا نشاهد ولي العهد كثيرا، وبالذات على شاشات التلفاز، فهو عازف عن الأضواء، وأعزو ذلك إلى أنه هو الضوء، وأعود إلى كلمة «عازف»، فهي لا تمر ولا حتى تلتفت عبثا، بل من وجهة نظري أنها لم تأت لسد فراغ، بل فعلا هو عازف ماهر ملهم، وعلى كل أوتار الإبداع بكل المقامات، عزف لا يعرف النشاز، يبهر العين قبل أن يبهر الأذن، وهو عزف منفرد بالفكر والمبادرات، وجماعي بالإنجاز والمتابعة، ومن جانب آخر فهو رياضي «نمبر ون»، ليس في كرة القدم أو التنس الأرضي، وربما كان، ولكن في تخطي الحواجز بمهارة، فهو لا يتجاوز المحترفين فقط، بل يتجاوزهم وعلى عاتقه هموم المواطن، بل كل الوطن.

الزمن عند سموه ليس تقويما ولا ساعة يناظرها لموعد عشاء أو رحلة هنا وهناك، وهذا من حقه، إنما ليرى ما تم من حجم الإنجاز، وأنه كان على الوقت المحدد أم لا.

إن هذا الشاب المبدع خلع عباءة الفكر التقليدي البليد، وكرس نفسه من بداية شبابه لحمل هم أمة، فكرس وقته لتطوير الذات دونما ضجة، مستلهما هدي الله، وناهلا من حكمة والده الملك الرشيد وتجاربه، ومطلعا علي سير أفذاذ العالم. هكذا أتصور مسيرة رجل حطم أركان الروتين تحطيما، وفتح نوافذ الأمل، فأشرقت شمس العمل والإبداع، فما عادت خطوات تتسابق، بل قفزات إلى عالم الحضارة، عالم لا يعترف إلا بالإنجاز، وعصب الإنجاز تطوير الإنسان وتمتين الاقتصاد، وهذان عمودهما العلم والقيادة الفذة.

يروى أن باولو كويلو، وهو روائي وقاص برازيلي مبدع، تعتمد قصصه على الواقع، ومن أشهرها قصة «الخيميائي» التي ترجمت لأكثر من 80 لغة، وفاقت مبيعاتها أكثر من 150 مليون نسخة، قال في قصة قصيرة نشرها: «كان الأب يحاول أن يقرأ الجريدة، ولكن ابنه الصغير لم يكف عن مضايقته، وحين تعب الأب من ابنه قام بقطع ورقة في الصحيفة كانت تحوي خريطة العالم، ومزقها إلى قطع صغيرة، وقدمها لابنه، وطلب منه إعادة تجميع الخريطة، ثم عاد لقراءة صحيفته، ظانا أن الطفل سيبقى مشغولا بقية اليوم،

إلا أنه لم تمر خمس عشرة دقيقة حتى عاد الابن إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة!

فتساءل الأب مذهولا:

هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا؟!

رد الطفل قائلا:

لا.. لكن كانت هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة، وعندما أعدت بناء الإنسان.. أعدت بناء العالم».

كانت عبارة عفوية، ولكنها كانت عبارة جميلة وذات معنى عميق «عندما أعدت بناء الإنسان.. أعدت بناء العالم»، وأنت يا ولي العهد، أيها الرجل المنجز المبدع، لقد بنيت الإنسان الذي جعلته محورا لكل المبادرات الخلاقة، فبنيت الأوطان، وأجبرت التاريخ ليقف مهابة، ويكتب تلك الملحمة الثرية وهو شامخ وطرب، وإن كنت قد أثرت كبرياءه، لكن التاريخ هو الشاهد الصدوق الذي لا يجامل ولا يكذب ولا يتحامل.

لقد كانت إطلالتك شفافة ملهمة في المقابلة الرائعة مع الشاب عبدالله المديفر، الذي كما وصفته سموك «الأفضل في الحوار». لقد كنت حدث ذلك اليوم، ليس فقط في محيطك العربي، بل في أرجاء «الميديا» العالمية.

لقد وضعت سموكم النقاط على الحروف، إن كان في الخطط الطموح لوطنك وشعبك أو فيما يخص الشؤون العالمية، وبالذات علاقات المملكة العربية السعودية بأقطاب العالم.

وكان سموكم أكثر من واضح فيما يخص اليمن وإيران، ومن أراد السلام فليمد يده. لو أنصف رجال القلم، خاصة من يقيمون شخصية العام في العالم، لكنت شخصية هذا العام، بل وكل عام.

أنت يا محمد في قلوب شعبكم شخصية الزمان، لقد أبدعت وأقنعت وطمأنت هذا الشعب بالمستقبل الواعد الثري الجميل.

واختم بقول: ليت الشباب يعود يوما حتى نعايش مسيرة هذا الإنجازات، ونجري في ميادينها، ونكون ضمن ترسانة هذه الخطط الطموح الخلابة، فنبدع من ضمن المبدعين، ولا عزاء لمن تمر من جانبه هذه القافلة وهو ليس في ركابها.