تستند رؤية السعودية 2030 على محاور رئيسة توجه برنامجها التنموي الشامل وترتكز عليه، بما تتضمنه الرؤية من أهداف تنموية شاملة، وما تتطلع إليه من أبعاد إستراتيجية تستهدف تسجيل حقبة جديدة من المنجزات الاستثنائية في المسيرة الوطنية للمملكة، وبما يناسب السعودية الجديدة، الرائدة في عطائها، الثرية بمقدراتها والطموحة في تطلعاتها.

تأسست الرؤية النابضة بالإنجاز، منذ انطلاقتها في 25 أبريل من العام 2016؛ بممكنات تترجم ما أرساه خادم الحرمين الشريفين من رؤى وتطلع، بمقولته الشهيرة، إن «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على كل الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك»، وعليه استهدفت الرؤية ترجمة ذلك النموذج المستهدف إلى واقع نلمسه ونعيشه، بالاستفادة من مكامن القوة لمختلف المقدرات المادية والبشرية في بناء السعودية الجديدة، بما يحقق متطلبات التنمية المستدامة، وبما يعزز من مكانة المملكة الإستراتيجية، ويدعم قوتها الاقتصادية باستثمار مقوماتها الاقتصادية وما تزخر به من مقدرات مختلفة.

تعتمد الرؤية على ثلاثة محاور رئيسة هي؛ المجتمع الحيوي، الاقتصاد المزدهر، الوطن الطموح، وتتكامل هذه المحاور في مستهدفاتها لتعظيم الاستفادة من مرتكزات الرؤية وتطلعاتها، ولأن المجتمع هو القاعدة التي تنطلق منها الأهداف الأخرى​​ وإليه تنتهي، كان هو المحور الأول لتأسيس قاعدة صلبة يستند عليها بناء قوتنا الاقتصادية في بيئة إيجابية وجاذبة بجميع مقوماتها الممكنة.


ويستهدف الاقتصاد المزدهر، الاهتمام بتوفير الفرص للجميع، عبر بناء منظومة تعليمية مرتبطة باحتياجات سوق العمل، وتنمية الفرص للجميع من روّاد الأعمال والمنشآت الصغيرة إلى الشركات الكبرى، علاوة على تطوير أدواتنا الاستثمارية، في كافة قطاعاتنا الاقتصادية الواعدة لتنويع القاعدة الاقتصادية وتوليد فرص العمل للمواطنين. ولرفع مستوى جودة وتنافسية الخدمات التنموية والاقتصادية، فإن تخصيص الخدمات الحكومية وتحسين بيئة الأعمال، سيسهم في استقطاب أفضل الكفاءات العالميّة والاستثمارات النوعيّة، وصولاً إلى استغلال موقعنا الإستراتيجي الفريد.

أما بناء وطن طموح بإنتاجه ومنجزاته، فيستهدف القطاع العام، برسم ملامح ومقومات الحكومة الفاعلة، بتعزيز الكفاءة والشفافية والمساءلة، وتشجيع ثقافة الأداء لتمكين مواردنا وطاقاتنا البشرية، وتهيئة البيئة اللازمة للمواطنين ولقطاع الأعمال، والقطاع غير الربحي لتحمل مسؤولياتهم وأخذ زمام المبادرة في مواجهة التحديّات واقتناص الفرص الواعدة.

خلال سنوات الرؤية، تم تحقيق إنجازات استثنائية، لمعالجة تحديات هيكلية؛ وقد تركزت في مرحلتها الأولى على تأسيس البنية التحتية التمكينية، وبناء الهياكل المؤسسية والتشريعية ووضع السياسات العامة للقطاعات المختلفة، وتمكين المبادرات الواعدة؛ فيما سيكون التركيز في المرحلة التالية على متابعة التنفيذ، ودفع عجلة الإنجاز وتعزيز مشاركة أكبر للمواطن والقطاع الخاص في التنمية الوطنية.

وإذ يمثل المجتمع الحيوي أول المحاور التأسيسية للتنمية المستدامة، في ظل بيئة مميزة وجاذبة للإنجاز ودافعة لرفع جودة الحياة؛ فإن المنجزات التي تحققت في ذلك الإطار خلال سنوات الرؤية، والتي شكلت فارقاً تنموياً ملحوظاً؛ تستحق الإشارة إليها بإيجاز بما تضمنه حصر مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لتلك المنجزات، وهي:

1- تسهيل الحصول على الخدمات الصحية الطارئة خلال 4 ساعات بنسبة تتجاوز %87، مقارنة بـ%36 قبل إطلاق الرؤية.

2- خفض معدل وفيات حوادث الطرق سنويًا لتصل إلى 13.5 وفاة لكل 100 ألف نسمة، بعد أن كانت 28.8 وفاة.

3- ارتفاع نسبة الممارسين للرياضة مرة واحدة على الأقل أسبوعياً، لتصل إلى %19 في عام 2020م، مقارنة بـ%13 قبل إطلاق الرؤية.

4- ارتفاع نسبة تملّك المساكن لتصل إلى 60 %، مقارنة بنسبة 47 % قبل خمسة أعوام، علاوة على تيسير آلية الحصول على الدعم السكني الفوري، بعد أن كان يستغرق مدة تصل إلى 15 سنة قبل إطلاق الرؤية.

5- الاهتمام بالمواقع الأثرية والتراثية، والذي أدى إلى تسجيل مواقع سعودية جديدة في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)؛ وإلى ارتفاع عدد المواقع التراثية القابلة للزيارة في المملكة عام 2020م إلى 354 موقعاً بعد أن كانت 241 موقعاً في 2017.

6- تعزيز الهوية السعودية وتزايد حضورها عالميًّا، بعد ارتفاع تسجيل عدد عناصر التراث الثقافي غير المادي، لدى اليونسكو إلى 8 عناصر، وذلك بعد أن كان عددها 3 عناصر فقط قبل إطلاق الرؤية، كما ارتفع عدد مواقع التراث العمراني المسجلة في سجل التراث الثقافي الوطني إلى 1,000 موقع في عام 2020م، مقارنة بـ400 موقع فقط في عام 2016.

7- التوسع في منظومة خدمات الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وأتمتة عملية الحصول على تأشيرة العمرة لتصبح مدة الحصول عليها 5 دقائق فقط، فيما كانت تستغرق سابقًا 14 يومًا.

8- إطلاق التأشيرة السياحية الإلكترونية، بما يُسهّل زيارة الأماكن السياحية في المملكة وآثارها وتراثها، ويسهم في تنشيط قطاع السياحة ورفع نسبة إسهامه في الناتج المحلي، وفي توليد فرص عمل لأبناء وبنات هذا الوطن، مما جعل قطاع السياحة في المملكة الأسرع نمواً في العالم، حيث سجّل نموًّا بنسبة 14%.

9- تحسين جودة الحياة، باستقطاب وتنظيم عدد من المناسبات الترفيهية والفعاليات الرياضية العالمية، والتي بلغت أكثر من 2000 فعالية رياضية وثقافية وتطوعيّة، شارك في حضورها ما يزيد على 46 مليون زائر حتى عام 2020م، والذي أدى بدوره إلى تضاعف عدد الشركات العاملة في قطاع الترفيه لتبلغ أكثر من 1000 شركة، مما أسهم في خلق ما يزيد على 101 ألف وظيفة حتى نهاية عام 2020.

10- مبادرات أسهمت في الحفاظ على البيئة واستدامتها وحمايتها، ومنها إنشاء سبع محميات طبيعية ملكية في عامي 2018 و2019، لحفظ الأنواع النباتية والحيوانية ولتكون خزانًا وراثيًا حيًا.

11- تحقيق إنجازات عالمية في إنتاج المياه المحلاة، إذ تصدرت المملكة الإنتاج العالمي لتحلية المياه المالحة بأعلى طاقة إنتاجية لتحلية المياه المالحة، حيث بلغت 5.9 ملايين م3 يوميًّا في عام 2020.

12- الإسهام في استبدال التقنيات الحرارية، والتوسع في استخدام التقنيات الصديقة للبيئة، لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والذي بلغ 28 مليون طن سنويًا.

13- الإعلان عن مشروعات عملاقة للمحافظة على البيئة وأحدثها مبادرتا «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر» اللتان تهدفان إلى رفع مساحة الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية والحيوية.

لا شك أن ما تم إنجازه خلال سنوات الرؤية من مشروعات وبرامج ومبادرات، وبما تضمنته من مكتسبات، وما استهدفته من تطلعات؛ يشكل قفزة تنموية مشرفة، ومنجزات مبهرة تشهد بها الأرقام المثبتة، والشواهد القائمة والفعاليات المتجددة، والذي يعزز من روح الانتماء والاعتزاز بوطن ننعم بأمنه وخيراته ومكتسباته ونسعد بخدمته، لكونها مكتسبات لمواطنيه ولمن يشملهم الوطن برعايته ومسؤولياته، ومن يساهم الوطن في رخائهم وتنميتهم من شعوب الدول العربية والإسلامية وغيرها.