تستهوي المباني الطينية والخيام ومفردات الماضي الكثير من السعوديين، وفي منطقة عسير ينظم البعض مناسباتهم الخاصة، واحتفالاتهم في بيوت تراثية قديمة مازالت قائمة تنطق بجماليات العصور الماضية.
ويشير سعيد بن سالم آل الدربية إلى أن الكثيرين يتمسكون بالعادات والتقاليد الاجتماعية المتوارثة، فتجد صاحب المنزل عندما يستقبل وفودا زائرة، فإنه وأبنائه يرفعون أصواتهم مرحبين بالوافد الجديد، وما إن يدخل الضيف حتى يقدم له البر والسمن كوجبة أولى، تليها وجبة الغداء أو العشاء.
ويضيف أنه يشجع تنظيم المناسبات المختلفة في البيوت التراثية القديمة، التي مازالت قائمة وتنطق بروعة التراث السعودي القديم، مشيرا إلى أن لديه بيتا من الطين بالقرب من الفيلا التي يسكنها في سراة عبيدة، وأنه يعتاد على دعوة أصدقائه وأقربائه للحضور إلى هذا البيت، أو الاستفادة منه بتنظيم اللقاءات المختلفة.
عضو مجلس الشورى سابقاً ومؤسس مركز آل زلفة الثقافي الحضاري في قرية المراغة بمحافظة أحد رفيدة الدكتور محمد آل زلفة دأب على استقبال المعارف والزوار، وتنظيم وليمة عيد الفطر لأقاربه في قصر النائب، وهو مبنى قديم مبني من الطين من أربعة أدوار يرجع توقيت إنشائه إلى 150 عاما.
يقول آل زلفة "التجذر في الماضي عادة ورثتها أبا عن جد، فأنا لا أستطيع أن أفارق المجلس، والمسقف وهو المطبخ الشعبي، وأدعو الجميع للعودة إلى الماضي الأصيل مع التمسك بالحاضر الجميل، فمن المهم أن نبقى على تواصل مع أبنائنا ليعلموا أننا عشنا حقبة تاريخية في تلك المباني القديمة، وأنه لا غنى عن تلك المباني التي عرف مصمموها المناخات المحلية، والبيئة الحرارية في الداخل والخارج، وتضمنت درجات مناسبة من الحرارة والرطوبة، ووظفت الظواهر البيئية المختلفة مثل سرعة الريح، والهواء، ودرجة حرارة السطوح الأفقية".
وعن طبيعة البيت التراثي ومكوناته يضيف أن "البيت التراثي في منطقة عسير يتألف من فناء وسطي يعرف باسم الحوش، ووسطه أو في طرفه يقع البيت الذي يتكون من ثلاثة أدوار، ولا يتعدى الخمسة، وبه مرافق بحسب إمكانية ساكنيه المادية ومركزهم الاجتماعي".
ويرى عضو هيئة التدريس في جامعة الملك خالد الدكتور سعيد محمد مفرخ أن البيوت التراثية في منطقة عسير صممت لعدة استعمالات، وهي عبارة عن كتل بنائية متلاحمة، حيث كانت تبنى متلاصقة جنباً إلى جنب، أما من ناحية تخطيطها، فإنها تتصف بنمو تدريجي متجانس، مع أزقة تفصل الكتل البنائية بعضها عن بعض، وهذه الطرقات نفسها لها مستوياتها من ناحية الطول والعرض، وعدد البيوت التي تؤدي إليها، واتجاه الغرف".
وأضاف أن نوافذ البيوت وموقعها بالنسبة لأشعة الشمس واتجاه الرياح الموسمية يكون له دور أثناء التصميم، كما أن النوافذ والأبواب تخضع لعدة عوامل، كذلك تصميم البناء من ناحية الجدران الخارجية والداخلية المطلة على الفناء والشبابيك والأبواب والأرضيات والأسطح"، وأشار إلى أن أهمية الاستعانة بعناصر أخرى لتلطيف الحرارة الداخلية للبيت، وجميعها من البيئة المحلية.