نقابل هذا، نتحدث مع ذاك، نجلس مع هؤلاء، نجتمع مع البعض، وكثيرًا ما نثرثر ونخوض في مسائل منها ما هو هام ومفيد، وأخرى قد تكون تطفلًا على الخلق، قد نخطئ عمداً أو بغير قصدٍ، ونتفوه بكلماتٍ تزلزل القلوب وتمزقها، نصيبهم بسهام علقم تُدمي العين، وأحيانًا بخناجر مسمومة تمزق الأواصر، إنها آفة اللسان التي دمرت الكثير ، وأيضًا أصلحت بين البشر ، ناهيك عن الأفعال التي تصدر كالرياح العاصفة لتدمر العلاقات، وأعمال نقترفها لنحمل أطنانًا من السيئات، وجبالًا من المعاصي، وتمضي أيامنا دون أن نشعر.
فيهل علينا شهر مبارك من خير الشهور، يزورنا مرةً كل عام، نستقبله بألحان الفرح، نصومه بكل جوارحنا والسعادة تغمرنا، ألسنتنا وقلوبنا تلهج بآنية الدعاء، كؤوسًا تطوف بالمغفرة والتوبة، مشاعر روحانية تملأ الأجواء، يأتي رمضان ليحرق الذنوب ويغسلها بالأعمال الصالحة، تتضاعف الحسنات ليثقل ميزان العبد، فالعمل فيها خير من عمل ألف شهر، لنبقى في جهاد عظيم، بين ردع النفس عن الإقدام على ما لا يليق من أشواك الأقوال وبراثن الأفعال، وتربية الروح على أقداح الصبر لننال الأجر والثواب، فمن منا لم يخطئ ومن منا لم يجْتَرَحَ ؟.
يقول عليه الصلاة والسلام : ( كل ابن آدم خطاء، وخير الخطَّائين التوابون ) . أحبتي اغتنموا مواسم الخير، ومواطن الرحمة، لا تفرطوا في كل لحظة من لحظات هذه الليالي المباركة، فإن قيام رمضان بأكمله يعطيك صك الغفران، اقرأوا أنيسنا وتدبروه، تفقدوا الأنام، افتحوا صندوق الدعوات وألحوا، تصدقوا، سامحوا واصفحوا واعفوا، تهادوا، ولازموا الذكر والاستغفار، فالأعمار تنقص، ولا نعلم ماذا قدمنا لآخرتنا، نسأل الله جلّ في علاه أن يعيننا فيه على حسن الصيام والقيام وحسن تلاوة القرآن، وأن يكتبنا في سجل العتقاء من النار لنكن من الفائزين .
همسة :
أما آن الأوان أن تخشع وتلين الأفئدة، وتصبح العقول سليمة بالخيرات متقدة، تتوب وتستغفر من الآثام والمعاصي المتعددة.