تشكل مبادرة قناة "روتانا أفلام" بإقامة مهرجان "الفيلم السعودي" الذي تبدأ عروضه بعد أيام منعطفا مهما في مسار السينما السعودية التي أخذت في السنوات الأخيرة تتحرك بسرعة معتمدة على جيل شاب أتقن لغة التكنولوجيا والعصر، واستخدم أحدث الوسائل لإنتاج أفلام انطلقت إلى المهرجانات الإقليمية والدولية، فيما لم يستطع المكان الذي أنجبهم أن يوفر لهم مساحة لعرض إبداعاتهم، لأن الممانعة مستمرة من قبل مجموعة تصر على البقاء خارج الزمن، وترفض إنشاء صالات عرض تستقطب الخبرات المحلية من جهة، وتحتضن الجمهور الذي يود مشاهدة الأفلام من جهة أخرى.

لم يدرك الممانعون أن وسائل العرض باتت متاحة، ولم يعرفوا أن الأفكار لا تنضب. ولأنها لا تنضب جاءت فكرة إقامة مهرجان الفيلم السعودي على قناة فضائية.. وهكذا ينوي القائمون على المهرجان أن يحققوا الإنجاز والسبق عبر منح 13 جائزة للأفلام الفائزة من خلال لجنة تحكيم وجمهور يشارك في اختيار أفضل الأفلام في مجالاتها، وأفضل ممثل وممثلة ومونتاج وتصوير وسيناريو، ومؤثرات صوتية، وأفضل إخراج، بالإضافة إلى جائزتي لجنة التحكيم والجمهور. ليقترب المهرجان بأسلوب جوائزه من المهرجانات الدولية.

إلى ذلك، يبث المهرجان رسالة مفادها أنه إذا صعب الوصول للجمهور عبر الصالات، فإن السينمائيين سوف يصلون إلى المتفرجين داخل السعودية في منازلهم بعد أن وصلوا إليهم عبر اليوتيوب.

التجريب في السينما السعودية ليس جديدا، فهو بدأ منذ عقود.. والمخرج عبدالله المحيسن قدم عددا من الأفلام الوثائقية والتسجيلية والروائية بدأها بـ"تطوير الرياض" عام 1976 وبعد عام قدم فيلم "اغتيال مدينة". وأذكر أني شاهدت فيلمه "ظلال الصمت" في مهرجان دبي السينمائي عام 2006 وفيه يعالج موضوع الأنظمة الدكتاتورية وقمعها لشعوبها، وحذّر من المستقبل إن لم تحدث الإصلاحات، واستبق ثورات "الربيع العربي" بثورة مماثلة داخل فيلمه انتهت بـ"الحرية".

لم يبدأ المهرجان بعد، وليت القائمين عليه يتذكرون "المحيسن" إن لم يكونوا فعلوا، فيمنحونه مساحة يستحقها لأنه أهم روّاد السينما السعودية، وخلال فترة زمنية سابقة كان الوحيد الذي يحمل رايتها في المهرجانات الخارجية وتم تكريمه في عدد منها.