في ظل التطور الذي تشهده بلادنا ويشهده العالم من حيث التحول الرقمي وما يعرف بالحكومات الإلكترونية، والحد من استخدام الأوراق في التعاملات؛ وهذا شيء رائع وليس موضوعنا الرئيسي بصراحة في هذا المقال، لكن الموضوع أن هناك متعة في تصفح الورق من كتب وجرائد ومجلات مادية محسوسة، متعة التصفح ورائحة الورق والكتب يعرفها أصحابها.

في استطلاع أجرته منظمة توسايدز الأمريكية، ترى أن 79% من الأمريكيين يرون أن هناك متعة في استخدام الورق في التعاملات اليومية، وأن 70% يرونه أسهل في إدارة شؤونهم المالية اليومية، فالثقة أكبر بما تراه العين وتلمسه اليد حسب الاستطلاع الأمريكي. قد يقول قائل هذا هدر للموارد الطبيعية والأشجار، لكن في أمريكا هناك تدوير للأوراق وزراعة سنوية للأشجار تعادل الاستخدام المستمر له. افتقدنا في الفترة الأخيرة تصفح الجرائد والصحف اليومية بعد نُدرة طباعتها والتحول الرقمي لأغلب الصحف والجرائد المحلية بالذات، وعلى وتيرة أبطأ تتجه دور نشر الكتب.

بالتأكيد ستوفر هذه الصحف الكثير والكثير من المال بتوقف الطباعة الورقية والاكتفاء بالنشر الإلكتروني على مواقعها، لكننا سنفقد موروثا شعبيا خالصا، خاصة فيما يتعلق بمتعة تصفح ورق الصحف والمجلات وقراءة الشهادات والتقارير المدرسية الورقية للأبناء وغيرها؛ حتى الإعلانات الورقية نفتقدها أحياناً.


أنا هنا لا أدعو للتراجع عن التطور والتقدم التقني، لكن أتمنى أن نُبقي على قليل من المتعة الورقية إن صح التعبير، تصور اختفاء الكتب من المكتبات مستقبلا وتحولها بالكامل لكتب إلكترونية (pdf) تحول محزن ومخيف برأيي المتواضع؛ ستصبح المكتبات مجرد ديكور لا أكثر.

هذه الشاشة الصغيرة التي بين يديك تسرق منا كل جميل وليس آخرها الأوراق. يقول القاص الأردني محمد عارف مشّة:«متعة رائحة الورق تظل أجمل ما في القراءة والكتابة».

و يقول الكاتب الكردي العراقي: «مقولة - خير جليس في الزمان كتاب- لم تأت من فرغ، بل أتت عن تجربة لا يدركها إلا من ذاق متعة قراءة الكتب، وحلاوة التنقل من صفحة إلى أخرى، ومتعة الوصول إلى نهاية الفصل وفرحة الانتهاء من قراءة الكتاب، إنها مراحل وحياة يعيشها الكاتب مع الصفحات البيضاء ورسم الكلمات وصوت الأوراق حين تتصفح الكتاب».

..وأنا أقول في خضم اجتياح التقنية لكثير من جوانب حياتنا وأبسطها القراءة، دعو لنا بعض الورق.