شهدت منطقة انهيار برجي التجارة العالمية في نيويورك احتفالا خيم عليه مزيج من الحزن والمشاعر الوطنية بذكرى مرور 10 سنوات على الهجوم الإرهابي الذي شنته منظمة القاعدة وأدى إلى مقتل نحو 3 آلاف أميركي وإلى أحداث لاحقة غيرت وجه العالم.
وتشهد مناطق الهجوم الأخرى في الوقت ذاته احتفالات مشابهة حيث التقى جمع كبير من المسؤولين في البنتاجون الذي شهد بدوره ارتطام طائرة أخرى بجداره كما شهدت مدينة شانكسفيل بولاية بنسلفانيا احتفالا مماثلا بالقرب من موقع سقوط الطائرة 93 التي سقطت قبل بلوغها العاصمة واشنطن خلال رحلتها للارتطام بمبنى الكونجرس في كابيتول هيل.
وشارك في احتفال نيويورك كل من الرئيسين باراك أوباما وجورج بوش. وقال الرئيس أوباما إنه يتذكر يوم 11 سبتمبر 2001 على أنه يوم "اجتمعت فيه كلمة الولايات المتحدة" في وجه الكارثة.
وصرح أوباما لتلفزيون إن بي سي في مقابلة بثت أمس استعاد فيها رد فعله عندما علم بالهجمات "بالنسبة لي، مثل ما هو بالنسبة لمعظمكم، كان رد فعلي الأولي ولا يزال انفطار قلبي على العائلات" المتضررة.
وأضاف في المقابلة التي سجلت أول من أمس قبل ساعات من بدء مراسم إحياء ذكرى الهجمات "الأمر الآخر الذي نذكره جميعا هو كيف أن اميركا اتحدت".
وقال "ولذلك وبعد عشر سنوات، أقول إن أميركا مرت بهذه التجربة بطريقة تنسجم مع شخصيتنا".
وتابع "لقد ارتكبنا أخطاء. وبعض الأمور لم تحدث بالسرعة التي كان يجب أن تحدث فيها، ولكن بشكل عام فقد نقلنا القتال إلى القاعدة".
وأضاف في المقابلة التي جرت في البيت الأبيض "لقد حافظنا على قيمنا وعلى شخصيتنا".
وشارك أوباما وزوجته ميشيل في مراسم إحياء الذكرى العاشرة للهجمات في نيويورك. كما شارك فيها الرئيس السابق جورج بوش وزوجته لورا بوش.
وقال عمدة نيويورك مايكل بلومبرج إن لحظة الذكرى يجب ألا تكون لحظة لتذكر سقوط البرجين بقدر ما ينبغي أن تكون لحظة لتذكر كيف نهضت الولايات المتحدة مرة أخرى وكيف جعلت 11 سبتمبر نقطة انطلاق للإصرار على أن يدفع من قاموا بالهجوم ثم جريمتهم ولبناء ما انهار بصورة أعظم وأفضل.
واضاف "أن 11 سبتمبر جعلنا أكثر قوة وأكثر تماسكا وأكثر عداء لقوى القتل والكراهية".
وساد مناخ من الاحتياطات الأمنية المكثفة مناطق الاحتفال والمدن الأميركية الكبرى لاسيما بعد أن أعلنت أجهزة الأمن الأميركية أن هناك معلومات موثوق بها ولكنها غير مؤكدة باحتمال حدوث هجوم إرهابي عن طريق استخدام سيارات مفخخة في ذكرى 11 سبتمبر. وأدى ذلك إلى وضع نقاط تفتيش عند مداخل المدن حيث أوقفت السيارات لتفتيشها وحيث تكيف وجود الكلاب المدربة على شم رائحة المتفجرات عن بعد لرصد أي محاولة لإدخال شحنات متفجرة إلى مواقع الاحتفالات أو إلى المدن الكبرى.
وقامت فرق من مكتب التحقيقات الفيدرالي برصد قوائم من دخلوا الولايات المتحدة في الآونة الاخيرة والتأكد من أنهم يقيمون في العناوين التي قالوا إنهم يقيمون بها كما قامت فرق أخرى برصد المشتريات الكبيرة من المواد الكيميائية التي يمكن أن تستخدم في صنع المتفجرات وذلك بالاتصال بمحلات بيع تلك المواد لمعرفة ما إذا كانت قد باعت كميات كبيرة منها.
وشارك الأميركيون جميعا في إحياء الذكرى بالصمت لمدة 3 دقائق في أنحاء البلاد في نفس التوقيت الذي وقع به الهجوم. وانتشرت في نيويورك لافتات تحيي الذكرى وتعد بعدم نسيان الضحايا وتشير إلى أن موتهم لم يذهب هباء طبقا لقول الرئيس باراك أوباما الذي أشار إلى أن هجوم 11 سبتمبر جعل من الولايات المتحدة أكثر قوة وأكثر وعيا بما يواجهها من أخطار وشحذ من همتها لمواجهة تلك الأخطار حيثما توجد.
وأزاحت عشرات المدن الأميركية الستار عن نصب تذكارية لإحياء ذكرى ضحايا الهجوم فيما قام مواطنو مدينة سياتل بصعود درج شهير في المدينة في تحرك رمزي لتأكيد أن الهجوم لن يوقف الأميركيين عن مواصلة صعودهم. وفي مدينة شانكسفيل خصصت حديقة واسعة لإقامة نصب تذكاري لضحايا الطائرة رقم 93 التي قاوم ركابها الأربعون المختطفين مما أدى إلى سقوطها. وشارك الرئيسان جورج بوش وبيل كلينتون في الاحتفال حيث قال كلينتون إن ضحايا الطائرة ضحوا بأراواحهم لإنقاذ آلاف المدنيين ممن كان يمكن أن يلقوا حتفهم إذا ما واصلت الطائرة رحلتها لمهاجمة واشنطن. وقال بوش إن الولايات المتحدة لن تنسى أبدا ما حدث في 11 سبتمبر وإنها ستواصل تصديها للإرهاب بوصفه تعبيرا عن الكراهية حسب قوله.
وأقامت دور العبادة في الولايات المتحدة بما في ذلك مراكز إسلامية مثل المركز الإسلامي في واشنطن والمركز الإسلامي في نيويورك مراسم دينية إحياء للذكرى فيما أقامت الكنائس الكبرى قداسا للصلاة على أرواح الضحايا شارك ممثلون عن مختلف الفعاليات والمستويات الرسمية.
وأصرت مدن أخرى على أن يكون أي احتفال ديني هو احتفال مشترك يحضره ممثلو الديانات مثلما حدث في شيكاغو وهيوستن والدعاء للضحايا.
وخلال ذلك وزعت الشرطة وصفا لشاحنة صغيرة تابعة لشركة تؤجر ذلك النوع من السيارات. وكان مجهولون قد سرقوا الشاحنة من مخزن الشركة في 21 أغسطس الماضي بعد أن قاموا بتعطيل جهاز الإنذار الخاص بمخزن الشركة. وقال تقرير الشرطة إن من المعروف ما إذا كانت الشاحتة قد سرقت بواسطة إرهابيين. وطلبت أجهزة الأمن تقارير من سلطات الأمن المحلية عن كافة السيارات التي سرقت في أنحاء البلاد في الآونة الأخيرة.
وزار الرئيس باراك أوباما البنتاغون للاحتفال بذكرى الضحايا الذين سقطوا حين أسقط الإرهابيون إحدى طائرات 11 سبتمبر فوق مقر وزارة الدفاع. وكان أوباما قد قام بزيارة في الصباح لمدينة نيويورك ثم شارك في إحياء ذكرى ضحايا 11 سبتمبر في واشنطن قبل توجهه إلى البنتاجون.
وقال أوباما إن الولايات المتحدة أقوى الآن مما كانت عليه في 11 سبتمبر بفضل الجهود لقواتنا المسلحة وأجهزة الأمن والمخابرات وتطبيق القانون والعاملين في وزارة الأمن الوطني. وفي مدينة شانكسفيل شارك نائب الرئيس جو بيدن كلا من الرئيسين السابقين جورج بوش وبيل كلينتون في احتفال بذكرى ضحايا 11 سبتمبر لاسيما الطائرة التي سقطت في ولاية بنسلفانيا قبل أن تستدير في اتجاها إلى واشنطن مستهدفة بناية الكونجرس.
فضلا عن ذلك فقد قام الرئيس بيل كلينتون ونائب الرئيس جوزيف بيدن بزيارة مدينة شانكسفيل في ولاية بنسلفانيا لإحياء ذكرى ضحايا الطائرة رقم 93 التي سقطت هناك. وقال بيدن إن الذكرى يجب أن تكون عودة إلى التأمل فيما يمكن أن تفعله الكراهية فيما قال كلينتون إن الولايات المتحدة أثبتت أنها أقوى من أي هجوم عارض من هذا النوع.