على الرغم من إجماع العلماء والدعاة ومختصي القانون على أهمية الوصية الشرعية، ووجوبها، في عدد من الحالات، ودورها في تجنيب الورثة الخلافات، كشف استطلاع رأي حديث أجراه مركز «واقف» إلكترونيا، عن شبه غياب تام لثقافة كتابة «الوصية» في المجتمع حيث أكد 86.9% من المشاركين في الاستطلاع أنهم لم يكتبوا وصيتهم، من بينهم 47.3% يفكرون بكتابتها، فيما قال 13.1% فقط أنهم كتبوها. وشدد هؤلاء على ضرورة الالتزام بالوصية من قبل الورثة، وأن أي تعرض لها يعني عدم احترام رغبة الموروث، واستثنى العلماء من ذلك من يحرم الورثة من إرثهم ويجيره إلى الغير، أو من يخص بعض الأبناء دون غيرهم بشيء من الإرث. وأمام وجود نسبة كبيرة وصلت إلى 47.3% من المشاركين في الاستطلاع (723 من أصل 1529 مشاركا) أشاروا إلى أنهم يفكرون بكتابة وصيتهم، يحرص علماء على التفريق بين النية والتنفيذ فعلا في هذا الجانب، حيث يقول مفتي مصر السابق الشيخ الدكتور علي جمعة «مجرد الإرادة والرغبة والهم والعزم التي لا تترجم إلى إنشاء العقود- وصية كانت أو بيعا أو وقفا أو غير ذلك - لا عبرة بها في إنشائها، فالإنشاء يكون بألفاظ أو كتابة مع نية». المعنى والحكم الوصية في الشرع: هبة الإنسان غيره عيناً، أو ديناً، أو منفعة، على أن يملك الموصى له الهبة بعد موت الموصي. وهي مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع؛ حيث قال الله، تعالى، في سورة النساء «من بعد وصية يوصي بها أو دين»، وقوله في سورة المائدة «يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم». وفي السنة أخرج البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده». وفي الإجماع، أجمع العلماء على جواز الوصية. ولا تجب الوصية إلا على من عليه دين، أو عنده وديعة، أو عليه واجب يوصي بالخروج منه، فإن الله، تعالى، فرض أداء الأمانات، وطريقه في هذا الباب الوصية، فتكون مفروضةً عليه، فأما الوصية بجزء من ماله، فليست بواجبة على أحد. وللوصية 4 أركان، هي صيغتها التي تتكون من الإيجاب والقبول، ويتم الإيجاب بكل لفظ يدل على التمليك بعد الموت، كقول الموصي: وصيت لك بكذا، أو وصيت لفلان بكذا، أو أعطوه من مالي بعد موتى كذا، أو جعلت له كذا بعد موتي، أو نحو ذلك مما يؤدي معنى الوصية. وتنعقد الوصية بالكتابة كاللفظ تماماً باتفاق الفقهاء، وتنعقد وصية الأخرس بالإشارة الواضحة المفهومة. وأما القبول، فيتم بكل لفظ يدل على القبول، أو بكل تصرف يدل على الرضا من الموصى له. تجارب عملية يقول المحامي ثامر السكاكر «بعد وقوفي على عدد من قضايا النزاع بين ورثة أشخاص توفاهم الله قبل أن يكتبوا وصيتهم لأسباب كثيرة أبرزها أن يأخذهم مرض الزهايمر على حين غرة قبل أن ينضموا بعض الأمور، وبخاصة من كان له أبناء غير أشقاء، أضع بين يدي الجميع 3 نصائح رئيسة: أولها: «إن كان أحد ورثتك يعمل معك وأعطيته صلاحيات كثيرة وتحول له أموالا لأداء أمور تأمره بها وتعرف أمانته ومتيقن من كل ذلك، فأبريء ذمته بمستندات مكتوبة بشكل دوري كل سنة أو سنتين، فبعض الإخوة ينقلبون على أخيهم الذي كدح وتعب مع والده عشرات السنين، ويتهمونه في ذمته بينما هم صغار سن. ثانيها: «سجل مالك وما عليك من ديون وما لديك من أملاك ومشاركات غير مثبتة رسمياً سواءً لك أو عليك وحدث هذا السجل بشكل دوري واحفظه عند من تأمنه عليه، حتى يظهره للورثة حال الوفاة ليتم إبراء ذمتك». ثالثها: «أكتب وصيتك وحدد ما تريد أن تتصدق به أو توقفه ولو قمت به في حياتك لكان خيراً لك لتقوم به وفق ما تراه مناسباً. وأشر في وصيتك للسجل الوارد سابقا«. وصية الثلث فأقل أكد العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمه الله، أنه»يستحب للمسلم إذا كان له سعة من المال، أن يوصي بالثلث فأقل في وجوه الخير؛ لقول النبي ﷺ: ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين، إلا ووصيته مكتوبة عنده.« وأضاف، رحمه الله، «يشرع للمؤمن أن يوصي بما يلزمه من ديون أو حقوق حتى تسلم إلى أهلها، لا سيما إذا كانت ليس عليها وثائق، وقد تضيع على أهلها، فإن الواجب عليه أن يوصي بذلك حتى يؤدي الحقوق، أما إن كان عليها وثائق عند أهلها، فالأمر في هذا واسع، وإذا كان له شيء يريد أن يوصي فيه عنده مال يوصي بالثلث أو بالربع أو بالخمس في وجوه البر، وأعمال الخير، فينبغي له أن يكتب ذلك قبل أن تدركه المنية، فإن الأجل لا يدرى متى ينزل، وعلمه عند الله.« ويتابع»من ذلك الوصية بالديون التي ليس عليها وثائق، فيقول: عندي لفلان كذا، وعندي لفلان كذا، وعندي وديعة لفلان حتى لا تضيع عليهم حقوقهم، وهذا شيء واجب، والمستحب أن يوصي أيضاً بالثلث، أو بالربع، أو بالخمس إذا كان عنده مال فيه سعة وذلك لوجوه البر وأعمال الخير، كالصدقة على الفقراء، والمساهمة في الجهاد في سبيل الله، وتعمير المساجد، والربط للفقراء، والمراكز الإسلامية، والجمعيات الإسلامية ونحو ذلك من وجوه الخير، ولا مانع أن يجعل فيه... له، أو له ولوالديه، أو له ولأهل بيته كل سنة، لا مانع من ذلك لا حرج في ذلك، كل ذلك من القرب«. ثقة للحفظ يشير الشيخ ابن باز إلى ضرورة حفظ الوصية أو تعيين شخص ثقة لتوليها وتنفيذها، وقال»يعين على هذه الوصية من يراه ثقة من أولاده، أو إخوته أو غيرهم حتى تحفظ الوصية وحتى لا تضيع، وله أن يسندها إلى غير أقاربه كأن يقول: الوكيل فلان من أصدقائه، ومعارفه الثقات غير الأقارب، وله أن يقول: هو الوصي وله أن يوصي بعده من يرى من الثقات فيستنيبه في أن يوصي بعده من يرى، كل هذا لا بأس به لحفظ الوصية«. موضع الوجوب لم تترك الوصية فقط كحق يمكن للموصي أن يمارسه، بل ذهب الشرع إلى جعلها واجبة عليه. يقول العلامة ابن باز»إذا كان الشخص عليه ديون، أو عنده أمانات للناس فالوصية واجبة، ويجب أن يوصي بها ويبينها لمن خلفه: أن لفلان كذا، ولفلان كذا، وعنده أمانة لفلان؛ حتى لا يجحدها الورثة، وحتى تصل إلى أهلها، المقصود إذا كان عنده حقوق للناس يجب عليه أن يوصي من ديون وأمانات ونحوها". ويشير الشيخ ابن باز إلى حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، «نفس المؤمن معلقة بدينه حتي يقضى عنه». واشترط الشرع لصحة الوصية عدة شروط لا بد من توفرها في الموصي، ومنها أن يكون بالغاً، عاقلاً، رشيداً، وأهلاً للتبرع، وأن يكون حرا، وأن يكون راضيا مختارا، واتفق العلماء على أنه لا يشترط أن يكون مسلما، فتجوز وصية غير المسلم للمسلم. كما وضعت شروط أيضا للموصى له، ومنها أنه ليس من الضروري أن يكون موجودا، فتجوز الوصية للجنين في بطن أمه، وأن يكون أهلا للتملك، وأن يكون معلوما، وألا يكون قاتلا للموصي، وألا يكون وارثا عند موت الموصي، وهذا الشرط أريد به تجنب إيثار بعض الورثة من غير رضا الآخرين من ضرر يؤدي إلى الشقاق والنزاع، وقطع الرحم، وإثارة البغضاء والحسد بين الورثة. وثمة شروط وضعها الشرع حتى للموصى به، ومنها أن يكون الموصى به مالاً، لأن الوصية تمليك، ولا يملك غير المال، والمال الموصى به يشمل الأموال النقدية والعينية، والديون التي في ذمة الغير، والمنافع كسكنى الدار وزراعة الأراضي ومحصول البستان في المستقبل، وأن يكون الموصى به متقوما في عرف الشرع، فلا تصح الوصية فيما لا يجوز شرعا الانتفاع به؛ كالخمر، والخنزير، والكلب العقور، والسباع التي لا تصلح للصيد، أو أن يكون الموصى به قابلا للتمليك؛ كالوصية بثمار حديقة، أو حمل في بطن شاة، وأن يكون مملوكا للموصي وقت الوصية، وألا يكون به معصية أو محرما شرعا. ضرورات لازمة يرى كثير من القانونيين أن كتابة الوصاية أمر إيجابي لأنه يوثق الحقوق ويبينها، مشيرين إلى أن الأصل أن توثق الوصية لدى محكمة الأحوال الشخصية، وأن يذكر فيها ما عليه من ديون وحقوق للعباد ويفصل فيها ويبين أصحابها بكلمات جامعة مانعة، وأن يوصي من ماله بما لا يزيد على ثلثه، وأن يبين مصارفه وجهة إنفاقه والوكيل القائم على ذلك، وأن يحرر نص الوصية موقعا بيده إن أمكن ويُشهد عليها شاهدين اثنين عدلين، ويمكن أن تحفظ نسخة منها عند شخص يثق به الموصي. ويرى هؤلاء أنه يجب على من كان له مال يورثه أن يكتب وصيته حتى يبين ما يملكه من مال وما عليه من ديون ويعرف ورثته بها، كما أن الوصية يمكنها كشف الأشياء غير المملوكة للموصي على الرغم من ظهوره كمالك لها أمام الآخرين مثل عقارات مسجلة باسمه رغم عائدتها لآخرين، أو عقارات يمتلكها ومسجلة باسم غيره. الكوارث والأوبئة في وقت تنتشر فيه الكوارث مثل الحروب والأوبئة يبدو من المهم جدا لكثيرين كتابة وصيتهم حيث يمكن للموت أن يباغت في كل حين، ويعد إثبات الوصية من المسائل المهمة لذا لأن قيدها في المحكمة من الأمور بالغة الأهمية لإثباتها وبعدها عن المحاباة والطعن بالتزوير. من مبطلات الوصية 1- موت الموصى له. 2- قتل الموصي من قبل الموصى له. 3- تلف الموصى به. 4- جنون الموصي جنونا مطبقا واتصال الجنون بالموت 5- إنكار الموصي للوصية وجحودها. 6- ردة الموصي أو الموصى له. asf -أنواع الوصية 1. الوصية بالدين. 2. الوصية بالمال. 3. الوصية على الأهل. 4. الوصية على الأولاد. 5. الوصية على الأيتام. 6. الوصية على الأموال. 7. الوصية على الإنفاق - سؤال استطلاع هل كتبت وصيتك؟ * نعم 13.1 % 200 مصوت * أفكر في كتابتها 39.6 % 606 مصوتين * لا، ربما أكتبها لاحقا 47.3 % 723 مصوتا |