تفاوتت الآراء حول الصفة الأصعب في المديرين، رأى البعض أن المدير كثير الانتقادات لموظفيه هو الأصعب، فيما حصل المدير الوصولي الذي لا يتوانى عن تكليف موظفيه فوق طاقتهم وحتى سرقة جهودهم لإبراز نفسه على المركز الثاني في سلم الصعوبة. المدير الحالم، الذي لا يدرك واقع المؤسسة ويحلم بتنفيذ المستحيل حصل أيضا على نصيبه من الانتقاد. مدير «الوقت» الذي تهمه ساعات الحضور والانصراف أكثر من الإنجاز وصل كذلك لقائمة العشرة الأصعب. وفي حال كنتم تتساءلون، جاء العمل مع المدير التفصيلي على رأس القائمة.
المدير التفصيلي يغرق ويغرق من معه بالتفاصيل. يغيب عن ذهن المدير التفصيلي أن الاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرارات تزيد الشعور بالرضا عن العمل وتجعل المرء يتحمل نتيجة قراراته، ولذلك فالعمل في بيئة تفصيلية يخفض الحماس بل وقد يقتله.
المدير التفصيلي يحركه القلق وعدم الثقة بفريقه، ولذلك فمعرفته بالتفاصيل تجعله يهدأ ويشعر بالأمان ولكنها تكلفه ومن معه جهدا مضاعفا في تحقيق الأهداف لأن من يكثر الالتفات والتحسين وتعديل الخطة لا يصل في وقته.
عندما تكلف الموظف بمهمة أو مشروع طالبه بالنتائج لا الخطوات وأشعره أن هناك مصلحة مشتركة من تنفيذ هذا العمل وجرب المنهج المرن والتعديل خلال العمل. تذكر كذلك أن أغلب البشر يميلون ميلا طبيعيا للعمل بحماس أكثر على المشاريع التي يشعرون بالانتماء لها وارتباطها بأهدافهم أو حتى بأنها تشبههم، والإدارة التفصيلية تنزع هذا الشعور وتحول العمل من ممتع إلى خانق مما يخفض جودة العمل ويفقد العاملون حماسهم وبالتالي يصل الجميع لعكس النتيجة المرجوة.
خلاصة القول، إدارة البشر لا تعني مراقبتهم فحسب، الإدارة الملهمة تستوجب التدريب والتفهم والدعم والثقة والتمكين ودفع الموظف ليقدم أفضل ما عنده بحسب شخصيته، وأغلبنا لا نتذكر من مديرينا إلا من أوقد فينا شعلة القيادة بالتمكين ودفعنا لنحسن من أدائنا بحسن إدارته للأزمات والمشاريع. وتتأكد أهمية وجود هذا القائد في السعودية في الفترة الحالية التي تحولت فيها الدولة ككل إلى خلية نحل نشطة تسابق الزمن لتحقيق أهداف الرؤية وتعزيز مرتكزاتها في جميع الجهات. وليتذكر كل المدراء أن أكبر خطايا الإدارة هي تحويل الموظف المتحمس إلى موظف يراقب الساعة ليغادر مقر العمل.