يخون بعضهم الأمانة الملقاة على عواتقهم، ويفرطون في المسؤوليات التي أولوها، مكرا من بعضهم، وتساهلا وجهلا وغباء من البعض الآخر. يعمل أحدهم بالمكر يكيد كيدا يظن أنه شيء، غره ضعفه بقوة ظاهرة، يمشي متبخترا وكأنه سيخرق الأرض، أو يبلغ الجبال طولا، ويوافقه البعض الآخر ضعفا وهونا، ثم يبتهج بنصره وتمكينه وأذاه للآخرين ظنا منه أن لم يره أحد!!

يصحو من نومه على رسول الضلال الذي عرف بقيل وقال، يبعث له مع بواكر الإصباح آخر الأنباء أن جاء الضحية فيبدأ في الأذى كذبا وبهتانا بدلا من أن يحمد الله الذي أحياه بعد موته، ورد إليه روحه، فتأنس بالأذى أرواح مريضة، وتتألم منه أخرى بريئة.

يقدُم حين يشاء ويفعل ما يشاء إلا ما وضع لأجله!! يحب عرق الآخرين ويتلذذ به، ويرى فيها مجدا له، وليس لهم شيء إلا ما يجود به منة من عنده وفضلا وكرما!!


تُرك له المجال ليفعل ما يشاء، لا يقيم وزنا لمن يعلوه فوعودهم هباء لا قيمة لها، ولا مكانة لهم فهم قد رضوا وارتضوا لأنفسهم هذا الاستخفاف بهم وبشأنهم وبمكانتهم. يعمل كمدرب لفريق هكذا شاؤوا له، يبدل كامل التشكيلة مرة بعد مرة كيف يشاء، ونسي أو تناسى أن نقطة الضعف هو، ويصارع ليبقى! يحارب أسباب النجاح ويرسم خيوط الفشل، ويرى أن إمكانيته أكبر من أن يكون في أحد الأندية الطرفية ليمارس مهنته الحقيقية بدلا من تعثر الفريق الذي كلما قام ونهض جاء ليسقطه؛ ليضمن البقاء، ويظن أنه يبني وينمي.

فتحت له أبواب صناع القرار، فأشغلهم بغير الحقيقة وبما هو دونهم، كلما حدث أمر بسيط هرع به إليهم مسرعا، وهو الذي ينتهي في مكانه بقليل من الحكمة والفطنة والخبرة وحب الخير ومخافة الله، فيفصل الأمر لهم بما ينجيه، ويصنع أحداثا تقوي حجته، ويدعي أن همه أكبر وأعظم، فتنقلب موازين الحق بعد أن تنصت له الآذان.

خلط بين عمله وعمل الآخرين فلا هو الذي أدى دوره ولا هو الذي ترك الآخرين يعملون، جلس حيث من المفترض ألا يجلس فطاب له القعود، وأصبح يتوجس خيفة من كل أحد ظنا منه أنه في دائرة الخطر، وأن العالم يود الإطاحة به والظفر بمكانه وكأنه بلغ مبلغا لم يبلغه أحد قبله حتى باتت الهلاوس تأتيه في يقظته قبل نومه.

خاصم ففجر في الخصومة ورمى الآخرين بما ليس فيهم، وقد كانوا من أسباب النجاح والتغيير، فرح بالنهايات التي صنعها يحسب أن الأمر قد توقف عندها ونسي أنها البدايات وأنه يلف الحبل حول عنقه، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.