في الآونة الأخيرة، أصبحت أسمع كثيرا في الوسط الأدبي أو الثقافي، جملة (كنت أمثلّكم)، فلو كنتَ أديبا أو مثقفا أو مدعيا لواحد منهما، ودعاك صاحب بقالة في جزر الواق واق، لحق لك أن تعود عودة الفاتحين، وكلما سألك أحدهم أين كنت، لك أن تجيب عليه بكل فخر، كنت أمثلكم وأمثل السعودية في جزر الواق واق. وهذه طريقة جديدة يمن بها علينا، "اللي يسوى واللي ما يسوى"، ليس من المثقفين والأدباء فحسب، بل من كل من أسمى نفسه ناشطا، حيث إنها الطريقة الأسهل للالتحاق بأي ركب شئت، بل هو المصطلح الذي يعني عندنا في الغالب، أن صاحبه (بتاع كلو)، فمرة تجده أديبا ومرة أخرى شاعرا وحقوقيا أومصلحا أسريا أوداعيا. فتجده مرهقا من كثرة (أسفاره) لتمثيلنا في كل المحافل وعلى جميع الأصعدة، جزاه الله خيرا. ولن أتكلم عن طريقة حصوله على الدعوات الرسمية، فهذه نعرفها جميعا بدءا بمسح الجوخ وانتهاء بالشحاذة العلنية وما بينهما من مقامات، لذلك أصبح من المألوف أن تسمع في الوسط الأدبي إن اشتكيت من تجاهلك في مقام ما، أن يقال لك حادث فلانا، فالموضوع بيده. ولن أتكلم عن أحقية هذا (الممثل) في هذا التمثيل الرسمي لنا في مئات المحافل وعلى نفقة الجهات الداعية وكأن "ما في البلد إلا هالولد". بل سوف أسأل عن أنواع المسرحيات التي مثل بها في الخارج نيابة عنا، فقد سمعت أنها كلها من الهزليات، التي أضحكت علينا بالنيابة جمهور الحاضرين، مع الإشارة إلى أن كل من ينتمي لهذا البلد، يمثل بلاده، قبل أن يكون ممثلا للمجال الذي يدعي انتماءه له، في كل مكان يذهب إليه، فيجب عليه أن يكون سفيرا لكل خلق حسن وكل عادة حميدة وطبع جميل، تتشكل به خصوصيتنا التي تغري الشعوب في التعرف على بعضهم من خلالها.

أما ذلك النوع من التمثيل، الذي لا نعرف فيه الشخصيات، ولم نقرأ أو نعرف النصوص التي ترغب بتمثيلها نيابة عنا، بل ولا يمثلنا أصحابها وهم بيننا، فأعتقد أن تصريحاتهم بأنهم يمثلوننا، ليست مقصودة بدقة، لكنها نوع من الشعور بالامتنان ورغبة في رد بعض الجميل لمجتمع تجاهل ناسه الأكفاء وأقصاهم، ونحى الجديرون بالدعوات ليقحموا اسمه قسرا.