يواجه أولياء أمور الطلاب والمعلمون والمعلمات أشكالا كثيرة من التحايلات من قبل بعض القائمين على المدارس الأهلية، فمنذ أن يدلف إلى باب المدرسة أحد أولياء الأمور ويرغب في إدخال ابنه إلى المدرسة يواجه بكم كبير من المبررات لرفع قيمة الرسوم الدراسية بنحو 2000 ريال يكون في أولها زيادة المصاريف.

وعلى الجانب الآخر يكون نصيب المعلمين والمعلمات الذين صدر بحقهم قرار منذ عدة أشهر بالزيادة بأن "الموضوع تحت الدراسة" وأن الرواتب تستمر كما هي.


تلاعب

المواطن علي الشهري ـ من سكان مدينة الدمام ـ يشعر بالمعاناة من طرفين حيث إنه أدخل ابنه إلى إحدى المدارس الأهلية في مدينة الدمام، وفي نفس الوقت لديه ابن آخر تخرج من جامعة الدمام وطرق أبواب المدارس الأهلية ولم يجد سوى راتب لم يتجاوز 2000 ريال، وقال "إن مالكي المدارس يجب أن يحاسبوا وأن تظهر قوائم على الإنترنت لمقاطعة المدارس التي دخلت في حملة رفع الأسعار"، وأضاف "هنالك لوبي من المدارس دخلت في اتفاق لرفع الأسعار لإجبار أولياء الأمور على الرضوخ لهذا الأمر وعدم وجود خيارات أخرى من مدارس أهلية".

وأشار الشهري إلى حرص مالكي المدارس على تطبيق النظام في هذا الشأن كما يدعون "زيادة التكاليف". وأضاف بقوله "إلا أن الأمر مختلف تماماَ مع المعلمين، حيث قال عدد من المعلمين لابني عندما حاول التسجيل في المدرسة كمعلم إن رواتب المعلمين 2000 ريال فقط، وموضوع الزيادة حتى الآن لم يطبق وهو تحت الدراسة".


طمع

أما رجل الأعمال علي القحطاني ـ أب لـ4 أبناء يدرسون في مدارس أهلية ـ فقال "لا أعلم إلى أي مدى وصل الطمع في ملاك المدارس الأهلية، رغم توفير الدولة الدعم لهم وعلى الرغم من انعدام دورهم في المجتمع فبعض مالكي المدارس يعتقد بأن افتتاحه للمدرسة هدفه الأرباح المكررة في حين أنه أخطأ في هذا الشأن فالحكومة وفرت دعما يحفظ له الربح المعقول، إلا أن الواضح بأن الطمع قد أغلق عقول مالكي المدارس كما ساهم في تطوير المشكلة أيضا عدم وجود قرار لتحديد الرسوم ووضع المدارس على فئات، كل فئة تكون لها رسوم محددة ورواتب محددة للمعلمين حتى تحفظ كرامة المعلمين والطلاب".

واعتبر القحطاني أن قرار المليك حفظه الله بزيادة رواتب معلمي ومعلمات المدارس الأهلية يدل على حرص خادم الحرمين الشريفين على رفاهية المواطن في جميع المجالات والقطاعات، وليس زيادة رسوم الطلاب وعدم زيادة رواتب المعلمين، وتابع "فالمدارس الأهلية بدأت كخطوة أولى برفع رسوم التسجيل فيها، فقد استفادت من القرار، وحورته أيضا بزيادة رسوم الطلاب والطالبات، وفي نفس الوقت لم تعر اهتماما بزيادة رواتب المعلمين والمعلمات كما جاء في نص القرار".

واعتبر المواطن علي اليازجي ـ جامعي يبحث عن وظيفة في مدرسة أهلية ـ أن التلاعب واضح للعيان، وقال "كيف يمكن لشخص أن يبدأ حياته براتب 2000 ريال، بينما يحصل زملاؤه الآخرون في التعليم الحكومي على راتب 8 آلاف ريال، ويتمتعون بمميزات وحقوق لا يمكن لمعلم المدرسة الأهلية أن يفكر بها مجرد تفكير، فهو في النهاية تابع لملاك المدرسة في عملية التجديد والرواتب وغيرها". من جانبها، اكتفت هيا العريني ـ مديرة مدرسة أهلية بمحافظة الخبر ـ بتصريح مقتضب لـ"الوطن" أمس بقولها، "إننا شكلنا لجنة لدراسة أوضاع المعلمات في المدرسة وفق منصوص الأمر الملكي وسيتعامل مع القرار قريبا، مشيرة إلى أن توقيع المعلمات على العقود بأجور لا تتوافق مع الأمر الملكي أمر روتيني".





عبء مادي

ولم تقف معاناة الأهالي عند زيادة رسوم التسجيل في المدارس الأهلية، بل تعدى إلى زيادة العبء المادي في تجهيز الأبناء خصوصا الطالبات، وهي معاناة تمتد إلى أهالي طالبات المدارس الحكومية.

وقد تتجاوز تكلفة التجهيز الأولي للطالبة الواحدة نحو 600 ريال ولا سقف أعلى لذلك، وتختلف قائمة المشتريات الأولية لطالبات المراحل الدراسية الثلاث من المدرسة الحكومية إلى الأهلية وستزيد مع الانتظام في الدراسة، إذ يكلف اليوم الدراسي لطالبة المرحلة الابتدائية في المدرسة الحكومية 600 ريال تقريبا للصفوف الدنيا وتزيد على ذلك في الصفوف العليا من المريول المدرسي والحذاء والجوارب والبكل وربطات الشعر والحقيبة المدرسية وحافظة الأقلام وحقيبة الطعام وغيرها من الأدوات المدرسية وقد يزيد على ذلك فكل حسب قدرته، أما طالبة الابتدائي في المدرسة الأهلية فتزيد قائمة مشترياتها على 900 ريال وذلك بحسب مستوى المدرسة الأهلية. وتتكلف طالبة المرحلة المتوسطة الحكومية 1000 ريال بينما طالبة المرحلة المتوسطة في المدارس الاهلية تكلف قائمة مشترياتها دون ثمن العباءة 1600 ريال وقد تزيد بحسب الإمكانات المادية وذلك لزيادة متطلبات المرحلة المتوسطة عن المرحلة الابتدائية. أما طالبة المرحلة الثانوية في المدرسة الحكومية فتكلف قائمة مشترياتها 1400 ريال دون قيمة العباءة، في حين تتكلف قائمة طالبة المدرسة الأهلية 2000 ريال وقائمتها التي تضم أشهر الماركات العالمية وتزيد بأشياء إضافية مثل الإكسسوار والعطور والنظارة الشمسية والتنويع في الحقائب والمحافظ والتغيير المستمر والعباءة، والمكياج والعدسات اللاصقة، والأجهزة الإلكترونية الحديثة، وقد تزود بحسب مستوى المدرسة.


الطلاب أقل

وبالنسبة للطلاب فإن تكلفتهم تعتبر أقل مقارنة بالطالبات حيث لا يشترط عليهم في المدارس الحكومية وبعض المدارس الأهلية لبس موحد بينما تشترط المدارس الأهلية للصفوف الأولية لبسا لا يتجاوز سعره 200 ريال ، فيما تكاد نسبة اشتراط مدارس أهلية لأطقم خاصة ومحددة بأسعار مرتفعة لا تتجاوز 10% من إجمالي المدارس الخاصة.

ومع "العودة إلى المدارس" تجلب أرباحا طائلة للمحلات التجارية وتعد موسما جيدا لهم في الاستغلال المادي، بينما تنهك جيوب الأسر وتحملها للبحث كثيرا في الأسواق والمكتبات عن مستلزمات المدارس، إذ تطول قائمة المشتريات بدءا من الحقائب وما تحتويها مرورا بالأدوات المدرسية وليس انتهاء بالزي.

وبدأ الاستعداد باكرا هذا العام للمدارس من جانب الأسر والأسواق من خلال إعلان بعض المحلات على واجهتها بالعروض المقدمة من أول ايام العيد، ولم تجد الأسر خيارا سوى الاستجابة لهذا الضغط المتتالي لمشتريات المدارس وحصارها بالإعلانات في الشوارع والتلفزيون، خصوصا قنوات الأطفال، قبل أن تفيق من فاتورة مستلزمات رمضان والعيد.


استغلال

وكعادتها استغلت المحلات الموسم وملأت واجهاتها بالحقائب والأدوات المدرسية بكافة الأشكال والأنواع والأحجام المختلفة والمزينة بصور الشخصيات الكرتونية المفضلة لدى الأطفال، فيما تحتوى هذه الحقائب على أطقم كاملة من محفظة للمال وحافظة أقلام وحقيبة الغداء وعلب الطعم وترمس الماء والدفاتر والملفات والأقلام والمساحات والبريات وأدوات الرسم.


صدمة الأسعار

وتقول منيرة الفهد إنها صدمت من ارتفاع الأسعار مقارنة بالعام الماضي، وقالت "ليس من المعقول أن تكلفها مشتريات المدرسة لكل ابن أكثر من 500 ريال، خاصة وأنه مع الانتظام في الدراسة ستكون هناك طلبات أخرى وككل عام ستكون زيارتها للأسواق والمكتبات دائمة" مشيرة إلى أن لديها خمسة أبناء في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وطالبت بمراقبة الأسعار وتحديدها وعدم استغلال الأسر برفع الأسعار.

ويشير عبدالله الشهري إلى أن رسوم المدارس الأهلية تحتاج لإعادة نظر، مؤكداً أن استعداد أسرته للمدارس بدأ باكرا هذا العام مع أيام العيد الأولى خاصة وأن بعض الأسواق والمحلات الكبرى فتحت أثناء أيام العيد، موضحا أن هناك ارتفاعا ملحوظا في أسعار الأدوات المدرسية منذ خمس سنوات وليس هذا العام أو الذي سبقه، إلا أنه قال "إن الجيد في الأمر أن الأدوات المدرسية متوفرة بشكل كبير ولم يواجه أي نقص بل على العكس متوفرة وبخيارات متعددة".

وبينت لطيفة العبدالله بأنها هربت من غلاء الأسعار في المكتبات إلى محلات التخفيضات على الرغم من عدم جودة الأدوات، مما يجعلها تشتري أكثر من حقيبة للفصل الواحد، لأنها لا تستطيع أن تشتري لأبنائها الستة في وقت واحد سوى من "أبو ريالين".

ويشاركها عبدالرحمن السعيد الذي قال "إنه لجأ إلى محلات أبو ريالين وزاد أنه عادة يشتري أغراض المدرسة من أبو ريالين بسبب أن أبناءه يغيرون باستمرار في أدواتهم المدرسية وأن الأسعار نوعا ما مناسبة ولكنه يخشى كثيرا من عدم جودة هذه الأغراض، خصوصا مع ما يسمعه من تسببها في الإصابة بالأمراض الجلدية"، ودعا إلى مراقبة هذه المحلات والكشف على نوعيتها، وأضاف أنه لا فائدة من التحذير منها وتركها متاحة ومنتشرة بشكل كبير لدرجة أن الأطفال يفضلونها كثيرا.

ويؤكد البائع ناجي حسن متخصص في بيع الأدوات المكتبية أن العودة للمدارس هو موسم خاص يتم الاستعداد له مبكرا سعيا لتوفير متطلبات الزبائن ويرى أن الأسعار غير مرتفعة بل متناسبة مع الوضع العام بدليل إقبال الناس على شرائها، وأشار إلى أنهم كمتخصصين في الأدوات المكتبية والمدرسية يعملون على توفير بضائع متنوعة ترضي جميع الأذواق والشرائح المختلفة في المجتمع. معترفاً بأن طلاب المدارس الأهلية الأكثر طلباً للمستلزمات المدرسية من طلاب المدارس الحكومية.