وما أن يبدأ التعريف عنهم يعرض على طرف الشاشة، إلا وترى كلمة «لواء متقاعد» أو «عريف متقاعد»، وكأنهم رتبة واحدة، لا فرق في الأسلوب أو الثقة بالنفس، أو العمل المسند له أيام «لم يتقاعد بعد»، وعزته وافتخاره بما قدم آنذاك، فكانت الخلاصة أن منهم من يبدأ بكلمات مختصرة ملؤها الصدق والبعد عن البهرجة الإعلامية، عن كيفية مشاركة المملكة في تحرير الكويت، وكيف تحرك هذا اللواء خلال 48 ساعة ليحرر حتى بعض المحتجزين من القوات الأمريكية التي ظهرت لاحقًا وكأنها من حرر تلك المنطقة.
بدأت المشاهد بتوضيح الموقف الذي مر بهم آنذاك، ومن ثم التطرق لبعض المواقف المؤلمة، التي تساقطت لأجلها دموعهم أثناء تصوير الفيلم، وبعد 30 عامًا، وكأن حرقة الدموع تظهر حقيقة الوقفة التي أرخصوا لأجلها غالي الحياة، وما هي إلا دقائق حتى تحولت الدموع إلى ضحكات بعد أن وصلوا لتذكر النهاية السعيدة بالنصر والتحرير.
في التعليقات على هذه التغريدة، ظهرت صورة للواء محمد علي آل عوضة -أحد ضباط لواء الملك عبدالعزيز الآلي- وكتب أحدهم «منور يبو علي»، فإذا بأبو علي يرد من حسابه الشخصي على تويتر قائلا «تسلم....»، وبعد تتبع هذا الحساب كان لسعادة اللواء متقاعد شخصيًا، ولم يكن حوله من البهرجة التي كنت أعتقدها شيئًا، فلم يكن متابعوه بعشرات الآلاف، ولم تكن تغريداته تظهره وكأنه «فلتة زمانه»، كما يفعل البقية حتى من مشاهير الألعاب، فكان السؤال لماذا لم نكن نعرف هذا اللواء وزملاءه من قبل؟.
ولصياغة السؤال بشكل آخر، هل هناك «ألوية ذهبية» أخرى، قدمت لهذا الوطن غالي دمائها، وأرخصت أنفسها لنبقى بهذه العزة والرفعة بين شعوب العالم، ولم تكرمهم وزاراتهم بهكذا عمل، كما عملت وزارة الحرس الوطني.
ليست الوزارات فقط، بل جميع قطاعات الدولة العامة والخاصة، أليس هناك أناس لهم تضحيات قد تكون مؤثرة في حياتنا حتى هذا اليوم، ولم نعرف عنهم شيئًا، مثل مقطع فيديو على تغريدة لأحد المغردين، يظهر «ناقلة نفط» عملاقة تجوب العالم شرقًا وغربًا، وكتب عليها (رمثان- RIMTHAN)، ولم أعرف معنى هذا الاسم حتى كتب صاحب التغريدة: في مثل هذا اليوم تم اكتشاف النفط السعودي بجهود ابن رمثان العجمي، الخبير بصحراء الجزيرة والأمريكي الخبير الجيولوجيي ماكس ستينكي، عملوا مدة 5 سنوات بالتنقيب حتى دخل اليأس قلوبهم وكادت العمليات تتوقف، وفي مارس من عام 1938 اكتشفوا أول بئر أسموه «الدمام رقم 7».
أليس رمثان ومن معه «لواء ذهبي» حق على وزارة الطاقة أن تخرجهم لنا في مثل هذه الأيام، وأليس لكل وزارة «لواء ذهبي» لم تكن مملكتنا بهذه العظمة والفخر والعزة لولا «بريق ذهب ألويتهم» في صحرائنا القاحلة، فليس هذا اللواء الذهبي لوزارة الحرس الوطني يتيمًا، بل تستطيع كل وزارة وقطاع أن تنقب في تاريخها وستخرج لنا كل واحدة منها بفيلم وثائقي ملؤه «ضحكات ودموع اللواء الذهبي».