ما عدد الشكاوى ضد الممارسين الصحيين، والتي يتقدم بها المرضى أو ذووهم لوزارة الصحة؟ لا أبالغ لو قلت لا يمر يوم في قسم طبي إلا وهناك شكوى مقدمة ضد أحد موظفي ذلك القسم! هل هناك بالفعل سبب لرفع شكوى أو هو استخدام لحق بغير حق؟ أن تشتكي هو حق متاح للجميع بغض النظر عن حقيقة تلك الشكوى، تُقام شكوى ويتم فيها تحقيق ونظر ودراسة، وفي آخر الأمر يتم إغلاق كثير من تلك الشكاوى، لأنه لا يوجد خطأ على الممارس الصحي أو أنه ليس هناك ضرر حقيقي واقع أو كاد يقع على المشتكي، ومن أول الأمر لو اطلع على الملف خبير لاكتشف أن الحدث لم يكن خطأ أو إهمالا، بل هو إما بروتوكول لا يعلمه المشتكي أو مضاعفات معروفة، أتذكر إحدى القضايا التي اشتكى خلالها الأب الطبيبة التي قامت بتنويم طفلته لوحدة حديثي الولادة لوجود تسارع لديها في النفس، وبعد ذلك تم إجراء تصوير للقلب للطفلة، وكان التصوير سليما، وهنا غضب الأب، كيف تم تنويم الطفلة إذا كان تصوير القلب سليما، وطلب أن تُعاقب الطبيبة! حقيقة أنا أريد أن أشكر تلك الطبيبة لأنه من المتعارف عليه أن أي مولود لديه تسارع في النفس يجب تنويمه في وحدة حديثي الولادة لاستبعاد وجود التهاب أو مشكلة في القلب، بفضل الله، خرجت الطفلة بصحة وعافية وبلغت عدة أشهر من العمر وما زالت الدكتورة من تحقيق إلى آخر، حيث تم التحقيق معها عدة مرات، ماذا لو أنها لم تُدخل الطفلة لوحدة حديثي الولادة! ماذا لو أنها لم تلاحظ سرعة تنفسها! كانت ستُعاقب لأننا سنعتبرها مهملة، وما الدرس الذي ستتعلمه هذه الطبيبة الناشئة لمستقبلها! ستخاف أن تتخذ قرارا أو ربما ستكون مترددة في قراراتها، أجد أنه من الأجدى أن تدرس الشكوى منذ البداية من مختصين وتقيم وبعدها يتم تحديد القضية، هل هناك بالفعل خطأ أو إهمال، وبعد ذلك يتم استدعاء المعنيين، لأن التحقيق مع الممارس الصحي لأنه يقوم بعمله بشكل صحيح سيجلب نتائج عكسية، فالقضايا والعقوبات ما وجدت إلا لتحسين الخدمات، ليس كل شكوى هي شكوى، أتذكر أحدهم الذي أقام شكوى ورفض استلام طفلته لأنه يقول، إنه كان ولداً فكيف أصبح بنتاً!! الأم تعرف أنها أنجبت بنتاً وقالت ذلك وبعدها لم نرها كان الأب يريد ولداً وبالطبع المستشفى لن تعطيه ولداً أنجبه الآخرون كما يريد بل ستخرج معه ابنته التي أنجبها!

كم قضية من هذه الأنواع تستنزف وقتاً وجهداً كان من الممكن منذ البداية أن تدرسها لجنة من مختصين ويقررون إذا كان الأمر يحتاج إلى التصعيد والتحقيق، ومن المعروف أن كل خطأ مهني صحي صدر من الممارس الصحي وترتب عليه ضرر للمريض يلتزم من ارتكبه بالتعويض، وتحدد (الهيئة الصحية الشرعية) هذا التعويض أو العقوبة.

وبحسب إحصائية قبل قرابة أربعة أعوام، فإن عدد القضايا الخاصة بالأخطاء الطبية المنظورة لدى الهيئة الصحية الشرعية قد بلغت 3178 قضية في سنة واحدة وعدد القرارات الصادرة بشأنها بلغت 1097 قراراً، ولكثرة القضايا وحفاظاً على الوقت أجد أن الإسراع في إنشاء محاكم طبية مختصة أمر مهم لأن هذا سيساهم في تقليل الوقت للبث في القضايا وإصدار الأحكام في وقت أسرع ولا ضرر ولا ضرار.