الحركة التشكيلية في بلادنا تملك ذخائر في مكوناتها ونواظمها. أثارت الدهشة من خلال وعيها وحدسها ونبضها ومثابرتها، لم يكن ينقصها إلا ذلك الاحتفاء والتشخيص النقدي لتلك التجارب والتحولات. والاندماج في مفاصلها وسياقها الجمالي. وما تهضمه من صور ودلالات. وقد تعرضت الحركة التشكيلية في المملكة لقراءات نصية. وتنظيرات متناسخة، انزلقت في مجاهل التكسب والفراغية. والتكرار الممل. الذي يصرف مضمون اللوحة والتجربة عن الغاية والمقصد. وهذا ما دفع الدكتور محمد الرصيص للبحث عن معايير ومفاهيم رحبة ورصينة. تكشف مظاهر التجربة وتجلياتها. في منظور نقدي تقعيدي وتوثيقي. يعيد للوحة اعتبارها. ويستقرئ ذاكرتها. ويعمق فكرها ومدلولها. برؤية شمولية ورغم ندرة المراجع الموثقة لتاريخ الفن التشكيلي السعودي، فقد استطاع الدكتور الرصيص وبترشيح من وزارة الثقافة والإعلام القيام بهذه المهمة. من خلال معايشته ومتابعته، كواحد من أبرز الفنانين التشكيليين والأكاديميين السعوديين. وقد اعتمد في دراسته الموسوعية على الكشف المتلاحق. واستحضار ورصد المراحل. وتحديد المنطلقات والاتجاهات المعرفية. لكل تجربة ( واقعية ـ انطباعية سريالية ـ تجريدية ـ تكعيبية ـ حروفية ) مع تدوين أسماء الفنانين التشكيليين الذين يمثلون كل مدرسة أو اتجاه. وهذا يدل على استبصار الدكتور الرصيص وحضوره المرجعي والذهني وتعالقه الإدراكي. وتصنيفه الاستدلالي. فلم تأت دراسته اعتباطاً. بل جاءت اشتغالاً ومبحثاً موازياً للخطاب التشكيلي في مقاربة منهجية. مما أكسب دراسته صفة التميز والفرادة. وقد ختم الدكتور الرصيص مدونته ومعالجته بطرح رؤيته المستقبلية للحركة التشكيلية، مع التوصيات والمطالبات التي وردته من الفنانين الذين طرح عليهم أسئلته ومنها : ( إنشاء متحف تشكيلي ـ إنشاء كلية للفنون الجميلة ـ إنشاء مزيد من صالات العروض ـ إصدار مجلة فنية متخصصة ـ بلورة نظام لتفرغ الفنان ـ تفعيل نظام حقوق الفنان) إلى جانب توصيات حالية وآنية يطالب بها الدكتور بهدف تطوير مسار الحركة التشكيلية ومنها: (زيادة اقتناء الأعمال الفنية المحلية ـ استئناف البعثات الخارجية ـ إقامة لقاء سنوي للفنانين ـ تنظيم مناسبة فنية دولية في المملكة كل سنتين ـ تطبيق العمل بالتأمين على الأعمال الفنية ـ استمرارية مشاريع تجميل المدن ـ زيادة الاهتمام باختيار أعضاء لجان التحكيم في المسابقات والمعارض الفنية ـ العمل على دعم الكتاب الفني وتوفيره في المكتبات المدرسية والجامعية والعامة ـ صيانة المشاريع التجميلية التي تم تنفيذها في المدن كما هو موجود في مدينة جدة والتعريف بها وبقيمتها الفنية والجمالية والثقافية).