ونحن نتذكر أيضًا كذبة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير بوجود أسلحة دمار شامل في العراق، تلك الكذبة التي فضح تفاصيلها وزورها جون شيلكوت رئيس اللجنة البريطانية المكلفة بالتحقيق في حرب 2003 والتي مازالت المطالبات تتوالى في إثر ذلك التقرير ونتائجه بتقديم «بوش& بلير» كمجرمي حرب جراء تفكيك الدولة العراقية ومقتل وتشريد الملايين نتيجة لكذبة ودعوى باطلة.
وإذا رجعنا للخلف قليلًا فلا شك أن الذاكرة مزدحمة بتلك الكذبات التي لم يستح منها أبناء العم سام لعل من أكثرها قبحًا بالنظر لنتائجها الفادحة، كذبة خليج تونكين في عام 1964م التي كذب فيها الأمريكيون على العالم وأنه تم استهداف سفنهم بالطوربيدات الفيتنامية كمبرر للحرب على فيتنام والتي دفعت ثمنًا باهظًا من القتلى والمشردين وانهيار البنية التحتية لشعب لم يقبل أن يكون دمية لأمريكا وديمقراطيتها المشوهة التي ترتب شعوب العالم وفق ذائقة الغرب الأمريكي المتوحش الذي أباد بنفس الديمقراطية السكان الأصليين من الهنود الحمر فكيف له أن يسوق الحياة للآخرين بعد أن سلبها من أولئك المساكين.
إن الأمريكيين من المسيحيين وهم غالبية سكان الولايات المتحدة يذهبون كل يوم أحد إلى الكنيسة ليعترفوا بتلك الكذبات الخفيفة والثقيلة ليحملها عنهم فيما بعد السيد المسيح بحسب مايقول يوحنا: «يسوع المسيح البار، شفيع عند الآب، فهو كفارة لخطايانا، لا لخطايانا وحدها، بل لخطايا كل العالم أيضًا» ومن هنا فلا بأس لدى أولئك القوم من الكذب ولو كان الثمن دماء تراق ودموعا تسح طالما أنها ستغفر.
ونختم هذه الأسطر بكذبة صغيرة مررها الرئيس الحالي جون بايدن حينما ادعى في أثناء حملته الانتخابية أنه قد التحق بجامعة ولاية ديلا وير الأمر الذي نفته الجامعة فيما بعد ولم يعقب عليه الرئيس الأمريكي الذي يتكئ وياللوقاحة على سيدنا المسيح في حمل ذنوبه وعلى ذاكرة الشعب الذي يتعامل مع الكذبات كجزء من الذاكرة الشعبية لديه ولا عزاء للأخلاق والفضيلة.
لقد آن لنا أن نعيد ترتيب أمورنا في ضوء كل المقدمات التي تتابعت منذ ظهور مشروع الشرق الأوسط الكبير وتقديمه والتلاعب به من كل طرف بحسب مصالحه لا بحسب مصالح دول هذا الشرق الأوسط، ومنذ ظهور فرق الدمار والموت الإرهابية في دول المنطقة برعاية بعض الدول المتنفذة والمقتدرة عسكريا والتي أسهمت في قتل وتشريد الملايين دون أن تتوقف عن تمني الخير لنا في ذات الوقت الذي تفتك أسلحتها بنا، وعليه فإن افتراض حسن النوايا والتعويل على تغير الحكومات لم يعد مجديًا في ظل كل ذلك الدفع نحو الحافة الذي تمارسه حكومات تلك الدول عبر الأجيال المتلاحقة وماسايكس بيكو منا ببعيد.