نحن يمكن أن نؤثر في المستقبل، ولكن من الصعب أن يكون لنا تأثير في الماضي، وهذا يقودنا إلى التركيز على النجاحات المستقبلية بدلا من العيش في مراجعة أخطاء الماضي ولوم الآخرين. النظر إلى الماضي يحد أفق التفكير والتطوير، بينما الانشغال بالمستقبل يطلق العنان لتلك الطاقات الكامنة. يقول عالم الجودة جون كوتر من جامعة هارفارد:«إن أكبر عدو للتغيير والتطور هو الرضا بالوضع الحالي»، وهذا يعني أن عملية التغيير للأفضل تبدأ بعدم القبول بالوضع الحالي، ووضع رؤية لمستقبل أفضل، ومن ثم وضع الخطوات العملية لتحقيق التغيير. تبدأ أي عملية للتغيير بدراسة الوضع الراهن، وتحديد الاتجاهات السائدة في المؤسسة حاليا، ومعرفة الثغرات في نظام العمل الحالي بدلا من التركيز على أخطاء الأفراد، ومن ثم مراجعة الحلول التي تم استخدامها، هل نجحت أو فشلت ولماذا فشلت؟، ويأتي بعد ذلك وضع معايير للحلول وتحديد العوائق التي قد تواجه تلك الحلول كالميزانيات والإمكانيات البشرية. يركز عدد من القادة على وضع الخطط والإستراتيجيات وهناك 70 بالمئة من هذه الخطط لا تنجح، على الرغم من أنها أعدت بشكل جيد، وتعود أسباب عدم النجاح إلى إهمال الثقافة السائدة في بيئة العمل، والتي يمكن التعرف عليها من خلال عدد من الملامح الرئيسة، كالتزام الموظفين بالمهام الموكلة إليهم، أو تغلب الفوضوية وعدم الإنجاز على المشهد، كذلك نوعية الموظفين في الصف الأول لاستقبال الجمهور، وهل لديهم القدرة على التعامل بشكل جيد مع العملاء أم يعكسون انطباعا غير مرضٍ عن أداء المؤسسة. للمؤهلات العلمية للعاملين بالمؤسسة دور هام في خلق ثقافة جيدة بالعمل، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة المبنى الذي يقصده العاملون كل يوم، وهل يوفر بيئة عمل مريحة للموظفين والمراجعين أم لا. عند غياب ثقافة العمل الجيدة فإن مصير جميع الخطط الإستراتيجية هو المقاومة من الموظفين ومن ثم عدم النجاح. ولإعطاء مفهوم للثقافة السائدة بأي مؤسسة، فهي الأعراف والقيم والمعتقدات والأساليب والإجراءات التي تسيطر على المنشأة. وعندما تكون بيئة العمل قادرة على رصد الأخطاء وإظهارها دون الخوف من المساءلة والعقوبة، فهذا مؤشر على ثقافة عمل صحية، كما أن العمل من خلال فرق العمل والاهتمام بعنصر التدريب والتطوير للعاملين، يساهم بشكل كبير في خلق ثقافة عمل رائعة. ومن الأشياء التي تساعد في تسهيل عملية التغيير، الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا والاستغناء عن الأساليب التقليدية والمملة في أداء المهام، كما أن خلق بيئة عمل تنافسية مهم جدا لعملية التغيير. وعلى النقيض فإن كثرة الاجتماعات الروتينية والتي لا أهداف لها، والتمسك بالأساليب والأنظمة القديمة، والإخفاق في التواصل الفاعل مع الموظفين، يؤدي إلى خلل كبير في عملية التغيير.
إحداث أي عملية تغيير يتطلب توفر شروط أساسية تأتي في مقدمتها الرغبة الفعلية في التغيير، كذلك الإلمام الفعلي بأساليب التغيير والقدرة على تنفيذ عملية التغيير، والأهم من ذلك الثبات على النجاحات التي تحققت من خلال عملية التغيير، وعدم العودة للوراء، وكل هذا يتطلب وجود قادة وفرق التغيير.