في رأيي الشخصي من يتصيد هفوات الآخرين هدفه العبث بالمشاعر الإنسانية، وخلق حالة من عدم الاستقرار تمامًا كالمنخفضات الجوية التي تحذر منه الهيئة العامة للأرصاد.
لماذا لا نصحح تلك الهفوات أو الهفوة بروح رياضية، بروح إنسانية، وهل هفواتك محصنه من التصيد، قالَ رسولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ».
إن ثقافة التصيد ظهرت بصورة جلية مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، والتي اسميها وسائل التباعد الاجتماعي بصورها السلبية، لماذا لا نتغافل تلك الهفوات ونرفع شعار «ريّح بالك».
ترى.. هل انتهت مشاكلنا وبدأنا نتنبع هفوات الآخرين، ومن هم الآخرون؟ إنهم من لهم في القلب مكان وفي العقل مستقر.. إنني أعتبر التصيد فيروسًا علاجه الانشغال بعيوبنا وتصحيحها، يقول الشاعر المتنبي:
"ولم أر في عيوب الناس نقصًا.. كنقص القادرين على التمام".
كم هو مؤلم أن يترك التصيد جرحًا صغيرًا، لكِنه يكبر حين يتكرر ذلك التصيد غير المبرر.. حكِم عقلك وقلبك حين تنوي التصيد، واسأل نفسك لماذا أتصيد؟ ما الذي سوف أستفيده وأفيد حين أتصيد؟ وهل للتصيد من فائدة سوي الشقاق والعتاب.
أحقًا التصيد ملح الحياة الزوجية، وملح العلاقات الإنسانية بأشكالها وألوانها كافة؟
إن كان كذلك فلماذا لا نستسيغ الطعام المالح، وفي المقابل الطعام قليل الملح، الاعتدال والتوزان هو الحل.
شخصيًا لا أؤمن بالتصيد؛ فهو خطوة من خطوات الجفاء والبعد وغرس روح الفرقة والتفرق.. أليس من الأجدر والأفضل بدلاً من التصيد التذكير بما لا يعجبك بالطرف الآخر بطريقة جميلة، طريقة المجاملة والتلميح.
إن تصيد أخطاء الآخرين وزلاتهم، دليل واضح على القصور في الفهم، والسلوك السلبي الذي نهايته الفرقة بين من تجمعهم وجهات واحدة وعلاقة إنسانية مستدامة والبحث عن المشاكل.
ترى ما الهدف من تصيد أخطاء الآخرين؟ سؤال يجيب عليه المُتصيدون.. لماذا لا نتصيد حسنات الآخرين ونتفاخر بها ونعطيها حقها بدلا من تصيد الهفوات.
في الختام إن ثقافة التصيد ثمرها علقم ونهايتها طريق مسدود، وعلى من يهوى هذه الثقافة أن يتحلى بثقافة التسامح والصفو والعفو والسماء الزرقاء.
يقول ابن الجوزي: «ما يزال التغافل عن الزلات من أرقى شيم الكرام، فإن اهتم المرء بكل زلة وخطيئة تعب وأتعب، والعاقل الذكي من لا يدقق في كل صغيرة وكبيرة مع أهله وأحبابه وأصحابه وزملائه كي تحلو مجالسته وتصفو عشرته».