أتقنت شابة سعودية لغة الإشارة الخاصة للصم والبكم، وأجادت ترجمتها، حيث شجعها وقادها إلى الخوض في ذلك وجود إعاقتي الصمم والبكم في عائلتها، فما إن فتحت عينيها على الدنيا، حتى وجدت والديها يعيشان حالة إعاقة حرمتهما من السمع والنطق في وقت واحد.
ولدت موضي العقل (19 عاما) لأبوين من الصم والبكم, ونشأت مع هذا الوضع طوال التسع عشرة سنة التي عاشتها، وبمرورالوقت وجدت نفسها تتقن ترجمة الإشارة, وتعدى الأمر ذلك لتجد نفسها مولعة بهذا الأمر، مما دفعها للانخراط في عدة دورات مكثفة في لغة الإشارة، لتصل في النهاية إلى المشاركة كمترجمة للغة الإشارة في المهرجانات المختلفة.
وفي أحد المراكز الثقافية بالظهران، شهدت "الوطن" مادار بين موضي وبين أعضاء وفد من جمعية الصم والبكم من الأصحاء والمرضى، حيث تعمل موضي بالمركز مترجمة للغة الإشارة. حيث ترجمت موضي إشارات رجل أصم أبكم، فقالت لأعضاء الوفد: "ذلك الرجل يقول إنه سعيد جداً بزيارة المكان، ولقد أعجبته لوحة "قطرة الندى"، حيث يعتبرها الأجمل من بين كل اللوحات، كما أنه مرتبط بموعد في مكان آخر، ويستأذن للذهاب، ويشكركم على اهتمامكم".
وقالت موضي لـ"الوطن"، "أعمل بشكل تطوعي مني رغبة في خدمة هذه الفئة التي تعاني كثيراً، ولا تجد من يهتم بها، وللأسف ما زالت نظرة بعض أفراد المجتمع قاصرة ودونية تجاه تلك الفئة".
وتصف بداية دخولها مجال الإشارة والترجمة قائلة: "ولدت لأبوين من الصم وهو حال ثلاث من أخواتي إضافة إلى أخ، ونشأت مع هذا الوضع طوال عمري، وبمرورالوقت وجدت نفسي أبرع في ترجمة الإشارة، وتعدى الأمر ذلك لأصبح مولعة بهذا الأمر،وحتى أتمكن من هذه اللغة انخرطت في عدة دورات مكثفة في لغة الإشارة إضافة إلى القراءة المستمرة لمؤلفات متخصصة في علم الإشارة، ليتكون في النهاية لدي رصيد معرفي كبير معزز بخلفية عائلية"، مشيرة إلى أنها شاركت في أكثر من 40 مهرجاناً كمترجمة للغة الإشارة.
وعن علاقتها بوالديها تقول موضي : "منذ صغري كانت لديّ قناعة بأن إصابة أمي وأبي بالصمم والبكم شيء غير معيب، وتعاملت مع المسألة بكل ثقة، فكنت أصرعلى حضور والدتي للاجتماعات المدرسية الخاصة بالأمهات مع تكفلي بالترجمة، كما أني كنت برفقة أبي عندما أجرى عملية جراحية، ودخلت غرفة العمليات لأكون صلة وصل بينه وبين الطبيب الذي أجرى له العملية، وقد سهل ذلك كثيراً الأمور على والدي وعلى الطبيب"، مشيرةً إلى أن والدها كان يعمل في شركة أرامكو السعودية، ويجيد قراءة وكتابة اللغة الإنجليزية بطلاقة.
وتوجه موضي رسالة إلى المجتمع، قائلة: "يجب أن تكثف الجهات المعنية اهتمامها بفئة الصم والبكم، وأن توليهم جل اهتمامها، مثل تخصيص مترجم لغة إشارة في كل مناسبة عامة، من أجل دمجهم بشكل طبيعي في المجتمع الذي يشكلون شريحة مهمة منه، كما يجب التذكير بالجهل الذي يحيط بكثير من الأسر التي يوجد لديها فرد من الصم أو البكم، حيث لا يتوافر لهم تعليم مناسب، رغم أن الدولة وفرت التعليم إضافة إلى الدعم المادي لهم" مشيرة إلى عدم إلغاء حقهم في الحياة لمجرد عدم قدرتهم على الحديث والسمع.