هناك بعض الملحوظات:
بالنسبة للشرعية اليمنية ليس من حق مؤسسة الشرعية في اليمن أن تستاء من قرار بايدن والبيت الأبيض برفع الحوثيين من قائمة الإرهاب، لسببين: الأول أن هذه المؤسسة لم تكن على مستوى التحرك لمتابعة تداعيات قرار ترمب في هذا الخصوص، وبشكل يقدم بدائل تطمئن المهتمين بالأوضاع الإنسانية، والثاني: أنها أصلاً لم تصنف الجماعة منظمة إرهابية، وبالتالي فليس لمن لم يصنف أن يلوم من تراجع عن التصنيف؟.
وأما بالنسبة للحوثيين الذين تظاهروا بالتفاخر بقرار التصنيف، على أساس أنه يثبت أنهم في الطريق الصحيح، وادعوا أن الأمريكيين لا يصنفون جماعة إرهابية إلا إذا كانت هذه الجماعة ملتزمة بالإسلام وبالثوابت، بالنسبة لهؤلاء فيمكن أن يقال: ماذا عن قرار بايدن برفع جماعتكم من قوائم الإرهاب؟ ألا يلغي هذا القرار امتياز كونكم أعداء «الشيطان الأكبر»، ويلغي كونكم ممثلي الإسلام الصحيح؟! ثم إنه لو كان أي قرار أمريكي بتصنيف أي جماعة على أساس أنها إرهابية، إذا كان القرار يعني أن هذه الجماعة ملتزمة بالإسلام وبالثوابت، فهل يعني ذلك أن القاعدة في نظر الحوثي ملتزمة بالإسلام والثوابت؟!
دعونا نَعدِل عن هذا إلى القول إنه سواء صنفت واشنطن الحوثيين جماعة إرهابية أم لم تصنف، رفعتهم من التصنيف أم لم ترفع، فهم مثال واضح للإرهاب في أبشع صوره، والغالبية العظمى من اليمنيين تعرف ذلك، وقد بدأ العالم يفيق من سكرة الدعاية المضللة، لكن لكلٍ اعتباراته وأهدافه.
وعلى كلٍ، فإن الأثر السلبي للتصنيف قد وقع على الحوثي، والميليشيا الآن تحت المجهر، ولن تسلم من التبعات، حتى وإن رُفعت من القائمة، لم يعد الأمر كما كان من قبل: سردية ساذجة عن وجود أقلية حوثية مضطهدة، وحرب إبادة تستهدفها بسبب معتقداتها الدينية.
هذه الحكاية ستتلاشى، وقد بدأت كبريات الصحف العالمية تكتب عن فساد الحوثي وألغامه وقمعه للحريات، كما بدأ برلمانيون هنا وهناك يناقشون سرقة الميليشيات لأموال المساعدات، ويتحدث سياسيون وكتاب ومثقفون عن عنصرية الحوثي واقترابه من طروحات اليمين المتطرف في الغرب، والبعض اليوم يدرك أن الحوثي يستحق تصنيفه إرهابيًا، ولكنه يتخوف من تأثر الوضع الإنساني، لأن الحوثي قد حول الأوضاع الإنسانية إلى حالة ابتزاز خالصة، وقد ألمحت رسالة البيت الأبيض للكونجرس إلى أنه لا علاقة لقرار رفع الميليشيا من قائمة الإرهاب بنظرة الإدارة للحوثيين، بما يعني أن القرار جاء لدواعٍ لا علاقة لها بالطبيعة الإجرامية للجماعة الحوثية.
الوضع اليوم مختلف، وقد نجحت حملات اليمنيين في إزالة صورة حزب الخضر الألماني التي يروجها الحوثي لنفسه في الخارج، لتظهر صورة الميليشيا الحقيقية التي تشبه صورة حركة «بيغيدا» العنصرية.
بدأ الرأي العام الدولي يخرج عن الفكرة النمطية، والمطلوب مواصلة جهود كشف الوجه الآخر للحوثي، وجه الأئمة الجدد والنازيين الجدد والـ«براود بوي» وحزب البديل الألماني، الذي يحاول الحوثيون إخفاءه عن العالم.
والخلاصة: تهمة الإرهاب وقعت على الميليشيات، ولن يبعدها عنهم قرار رفعهم من القائمة، بل إن ممارساتهم ستثبت أكثر وأكثر هذه التهمة، التي لن تنفك عنهم طالما بقيت سلوكياتهم على هذا المنوال.
وبقيت الإشارة إلى أن مواجهة مشروع الحوثي هي مسؤولية اليمنيين قبل غيرهم، وهي مواجهة عادلة لنيل حقوقهم في المواطنة المتساوية، بعيدًا عن خرافات الحق الإلهي وتأويلات قانون الخمس، وولاية «من أمرتنا بتوليه سيدي ومولاي عبدالملك بدر الدين الحوثي».