أود القول إن جماعة التبليغ قد تكون هي الموطن الأول للعضو الإخواني والسروري والجهادي والمتطرف، وربما الإرهابي المفجر المجرم القاتل لنفسه ولمجتمعه.
وفي مجال المقارنة بين الجماعتين، فهذا موجز بسيط:
- الجماعة الأولى (التبليغية) تعتمد على الإيمانيات وأعمال القلوب والطرق الصوفية، بينما الأخرى تهتم بأعمال الجسد مثل المناشط الرياضية، لإغراء الصغار من أجل تهيئتهم لأهدافها الجهادية.
بمعنى آخر، فإن الأولى، وهي التبليغ، تستطيع أن تصنفها قوى إسلامية ناعمة، بينما الأخرى، وهي الإخوان، قوى صلبة متطرفة.
- التبليغ تمنع الخوض في القضايا السياسية، بينما الإخوان حديثهم سياسة وهمهم سياسة وكتبهم سياسة وأهدافهم سياسة.
- التبليغ جماعة مسالمة بكل معنى الكلمة (في ظاهرها)، بينما الإخوان جماعة محاربة وهدفها «الحاكمية»، وتعني توليهم الحكم في الأوطان العربية والإسلامية بذريعة أنهم هم فقط من يستطيع إعلاء الدين وأهله.
- التبليغ لا تهتم بتاتا بالعلم الشرعي بل تعد طلب العلم ترفا وهروبا من مسؤولية الخروج للدعوة في سبيل الله «بالطريقة التبليغية»، بينما الأخرى (الإخوانية) ترى طلب العلم الشرعي والدعوة إلى الإسلام يتحققان فقط تحت لواء الدولة الإسلامية بالتنظيم الإخواني البحت ليس إلا.
وهنا شيء من المقارنة بين الجماعتين:
- التبليغ جماعة أسسها محمد إلياس، وهي تحمل الثقافة الهندية الصوفية مع تأطير المذهب الحنفي، بينما «الإخوان المسلمين» أسسها حسن البنا، وهي تحمل الثقافة العربية الحادة نوعا ما مع المذهب الشافعي الغالب على تلك البقعة.
وحينما انتقلت الجماعتان إلى جزيرة العرب بقيت الجماعة التبليغية على أسلوبها الهادئ السمح اليسير، وبقيت الجماعة الإخوانية أيضا على طريقتها الحادة، إلا أنها غلفت تلك الحدة بأسلوب مرن، الأمر الذي مكنها من الاستيلاء على مفاصل بعض الدول الخليجية، خاصة التعليمية، لا سيما أن الكثير من أفراد تلك الجماعة يحملون درجات علمية عالية ومتوسطة.
وعلى ذكر العلم والمتعلمين، فإن غالب أعضاء التبليغ من الطبقة غير المتعلمة والفقيرة والمتوسطة اجتماعيا، بينما أعضاء جماعة الإخوان من أصحاب الدرجات العلمية على الغالب، ومنهم عناصر أكاديمية وعسكرية عليا، وفيهم من الطبقة المخملية اجتماعيا.
تهتم الجماعة التبليغية بالإصلاح الإيماني والسلوكي البحت بعيدا عن السياسة والاقتصاد والفقه، بينما الإخوان المسلمون يهدفون إلى إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي من منظور إسلامي حركي.
وتعتمد جماعة التبليغ على ترشيح شخص لقيادة المجموعة الصغيرة والكبيرة، بينما الإخوان يعتمدون على الانتخابات في تحديد «المرشد العام» بشروط معينة ومبايعة من أعضاء الجماعة.