كلّ ما يجري الآن في ساحتنا الرياضية بشكل عام، وساحتنا الإعلامية بشكل خاص من شتائم بين أطراف متعددة، وإساءات من هنا وهناك، إنما هي نتيجة للميول الفاضح للأندية.
عندما نتحدث عن التعليق والمعلقين الذين يجدون كثيرا من الارتياح عند الناس، وقبولا عند شريحة كبيرة من الجمهور الرياضي على اختلاف ميولهم، يقفز المعلق الجميل، الإماراتي عامر عبدالله، وزميلاه عدنان حمد وفارس عوض.
لنتفق أولا على أن هذا الثلاثي الذي ارتبط مع الجمهور السعودي "الذوّاق" بعلاقة قوية، تقوّت من خلال حرص هؤلاء المعلقين على تلبية كل الأذواق، ومحاولة إرضاء الجميع ـ وقد نجحوا ـ، سواء في تعليقهم على مباريات الأندية، أو المنتخب.
ومع ذلك، ليس هناك معلق لا يخطئ، وإن أخطأ "عامر، أو عدنان" في عبارة، أو وصف على حالة من الحالات، فلا يعني ذلك أنهما سيئان، أو أنهما باتا غير مرغوب فيهما، لأنهما ـ والحق يقال ـ يملكان "كاريزما" لم تتوفر لغيرهما من المعلقين.
والحقيقة أن المشجع الرياضي يبحث دائما عن المعلق الذي يملك صوتا جميلا، ومعلومات جديدة، وحضورا لافتا، ورأيا حرا وصريحا، وكل هذه العوامل، هي أدوات المعلق الناجح، وهي في رأيي الشخصي موجودة في أشقائنا وإخواننا المعلقين الإماراتيين.
الذي أريد أن أؤكد عليه، أن النقد إذا كان ينطلق من حرص على التوجيه، ويأخذ في مساره خطا هادفا، بعيدا عن الانتقاد الموجه ضد الأشخاص، فهذا النقد مطلوب ومرغوب، وليس هناك من سيرفض ذلك، سواء كان معلقا، أو رئيسا لناد، أو لاعبا، أو مدربا، أو حكما.
أما إذا تحول النقد إلى صورة أخرى، تميل في الغالب إلى "شخصنة" الأمور، ويكون دافعها الميول، فهذا نوع من "التصيّد"، وهو عكس النقد، وعندها تصبح الكلمة محسوبة على قائلها، ولن تجد غير الرفض عند كل من سيقرؤها، أو يسمعها.
لقد ارتبط عامر عبدالله وقبله فارس عوض، وعدنان حمد بعلاقة وثيقة بالجمهور السعودي ـ المحب والعاشق لكرة القدم ـ، حتى أنني اعتقدت أن عامر عبدالله، كان السبب في ضياع نصف مقعد علينا في دوري أبطال آسيا!
ذلك أن هذا المعلق من كثرة حبّ الجمهور الرياضي لتعليقه، وقفشاته، وألقابه التي يطلقها على اللاعبين، وصوته الجميل، تسبب في جعل جمهور كرة القدم "يهجر" المدرجات ليستمتع بالتعليق، ففقدنا نصف المقعد، والسبب عامر!
تلك حالة من حالات الارتباط والعشق التي لا أخفيها أنا شخصيا، فمباراة يكون معلقها عامر عبدالله أجد نفسي حريصا على متابعتها دون تخفيض للصوت، وقد يكون العكس صحيحا، والقناة الناجحة، هي تلك التي تحضر المعلق الناجح.
وهنا لا بد أن نشكر القناة الرياضية السعودية على اختيارها الموفق لهؤلاء المعلقين، فنجاح قناة رياضية تقوم بالنقل الحصري، تعتمد على ثلاثة عوامل مهمة، منها الإخراج، والأستوديو، وقبل ذلك اختيار معلق المباراة، وهنا نجحت القناة الرياضية باستقطابها لهذه الأسماء الجميلة.
لكنني ألوم اليوم القناة الرياضية السعودية على عدم إبداء أي نوع من الحرص على بقاء عامر عبدالله، أو محاولة ثنيه عن قراره بالمغادرة، حتى وإن كان للقناة بعض الملاحظات على المعلق، فمثل هذه الأمور تحلّ داخل غرف الاجتماعات، وتحلّ بالطرق الودية.
ولعله من المعروف اليوم، أن التعليق الرياضي أصبح من أساسيات جذب الجمهور، ولذلك نجد أن كثيرا من القنوات الرياضية تحرص على إحضار "نجوم التعليق"، لكسب ودّ المشاهد أولا، وكسب جيب المعلن ثانيا، وهذان عاملان رئيسيان لا يمكن تحقيقهما، إلا بمعلق يملك مواصفات خاصة جدا في الصوت، والحضور.
إننا في دول مجلس التعاون "إخوان"، ولولا حدود الدول لكنا شعبا واحدا ـ بل نحن كذلك ـ، وهذا ما يؤكد عليه قادتنا، ولا بدّ أن تكون الرياضة عاملا مهما في تحقيق هذه الأهداف العليا.. والله من وراء القصد.