بعد مرور عامٍ من تطبيق إجراءات الحجر بسبب جائحة الكورونا، وبعد الجهود العظيمة التي قدمتها حكومتنا الحريصة على صحة المواطنين والمقيمين، وبعد الخدمات المشهود لها بالتميّز من وزارة الصحة وبالتعاون مع الجهات ذات العلاقة المباشرة، للحدّ من تفشي الفيروس، وبعد جميع الاحتياطات الصحية والأمنية، وتحديد العقوبات ضد من لا يحترم النظام والقرارات، نعود للأسف إلى ارتفاع مؤشر الإصابات مرة أخرى! والسبب هو «الوعي الزائف» الذي تكون فيه أفكار الإنسان ومفاهيمه غير متطابقة مع الواقع، ومقتصرة فقط على جانبٍ معين في حياته، دون اهتمام بالجوانب الأخرى التي تؤثر وتتأثر في بعضها البعض. هذا ما حدث خلال الشهرين الماضيين، حيث اهتمت الأغلبية بالمناسبات العائلية، دون اهتمام بتطبيق الاحترازات، والتسابق على المطاعم والمقاهي بصورة غير مشهودٍ لها، منذ ساعات الصباح الأولى إلى منتصف الليل لدرجة أن بعض المطاعم في الرياض - كما سمعت - يتم فيها التسابق على الحجز لوجبة الإفطار منذ ساعات الفجر الأولى، ولا يسمح بدخولها إلا بعد مرور ثلاث ساعات من الانتظار، بسبب الإقبال والتزاحم غير الطبيعي عليها!.

ولا يفوتني ذكر تلك الشريحة التي اهتمت بالترفيه الشخصي والعائلي المستمر بشكل أسبوعي، دون اهتمام أو إدراك لآثار ذلك في المستوى الصحي المجتمعي. وجميعنا عشنا تجربة المرحلة الأولى التي انخفضت فيها نسبة الإصابات بعد مرور أشهر، وكان ذلك بسبب القرارات الشديدة والاحترازات، والعقوبات، ولكن بالانتقال للمرحلة الثانية والتي تم خلالها السماح للعودة للحياة الطبيعية بنسبة %70 «ولكن دون عقوبات محددة مع إهمال للاحترازات الوقائية»، ارتفعت نسبة الإصابات مرة أخرى «وهذا بسبب الوعي الزائف»!

فاضطرت الجهات المسؤولة للعودة مرة أخرى للمرحلة الأولى للأسف الشديد. وحيث إن الأغلبية تتمنى ألا تعود للمرحلة الأولى، فإنه لا بد من العمل على نشر «الوعي المعياري الأخلاقي» بين مختلف الطبقات، والذي يرتبط بمدى الشعور بالمسؤولية تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين، والذي لن يتحقق بسهولة، لأنه بالرغم من قسوة وألم هذه الجائحة، التي عانت من آثارها دول العالم أجمع، إلا أن الشعور بالمسؤولية المجتمعية ما زال دون المستوى المطلوب، لذلك لا بد ألا نسمح باستمرارية وتمكّن الوعي الزائف من مختلف فئات المجتمع، وألا نستهين بأهمية تشديد العقوبات واستمرارها، منعاً لعودتنا للصفر لا سمح الله، حيث ستضيع الجهود الوطنية في مهب الريح «بسبب ضعف الإحساس بالمسؤولية المجتمعية وتفوّق المتعة الشخصية عليها بدرجات»!