طالب ثانوية حي النسيم بمدينة الرياض طاف الآفاق وبلغ أقصى مضارب تويتر وفيافي الفيس بوك وهو يحمل قوارير الخمر الفارغة و"يترزز" معها في الفصل دون أدنى شعور بالذنب والمسؤولية، وبتقديري أنه يتحمل أقل من كسر من عشري لجزء من واحد المئة. الذي يتحمل المسؤولية ويعاقب عليها هم من أحضروا هذه القوارير الفارغة إلى معرض توعوي بالمدرسة. هم يصمون بالجهل الأعمى ما أرادوا أن يكحلوه. هذه الأساليب ليست بأكثر من بلادة في التفكير وجهل مطبق بأساليب وطرائق التوعية.

تصرفت جماعة التوعية الإسلامية بالمدرسة على طريقة القرون الوسطى، لأنها للأسف الشديد مازالت تظن أن عقول هذا الجيل هي ذات عقول الكتاتيب القديمة في سامراء أو في الفسطاط أو تدمر. أحضرت قوارير الخمر الفارغة إلى المدرسة من أجل معرض توعوي، وهي لا تعلم أن الصورة والمعلومة في أيدي هذا الجيل الرقمي الذي يعرف اليوم من أشكال كل حرام مستباح ما تصبح قارورة الخمر حوله مجرد مزحة.

آلاف الأفلام ومئات الأقنية الفضائية وآلاف مقاطع التواصل. هاتف الجوال الذكي يجعل من الشاب غير السوي حاملاً في جيبه ما يملأ مدينة متكاملة من الإثم ومن المحظور، لكن جماعة التوعية لم تجد من وسيلة لردع رذيلة المسكر إلا إحضار قواريره الفارغة إلى معرض مدرسي. وهذه ليست مجرد أساليب منقرضة لأفكار محنطة في التوعية، بل هي أيضاً جريمة مقابلة في العرف وفي النظرية الاجتماعية، لو أن مثل هذا التصرف وهذه الطريقة حدثت في مدينة بريطانية مثلا، لقامت قائمة الإعلام والرأي ومعهما القانون على المتسبب.

هناك سن قانوني ينظم المشاهدات ويفصل فيما يمكن أو لا يمكن داخل مدرسة بحسب موقع (المادة) المجلوبة من الخطوط الحمراء أمام الناشئة. واقرؤوا النتائج على مثل هذا التصرف البليد الأرعن. فبدلاً من أن يكون الاجتهاد الخاطئ توعوياً تحول الطالب المراهق المسكين إلى بطل وهو يخترق المحظور ويلتقط الصور، ثم ينشرها على الآلاف من أقرانه، حتى أصبحت صورة الطالب بالأمس أقرب إلى "الهاش تاق" في هواتف آلاف شباب الثانوية، وفي مواقعهم التواصلية الاجتماعية.

من هو ربع العاقل الذي يظن بصواب إدخال قارورة خمر فارغة إلى معرض توعوي في ثانوية سعودية عصرية؟