رغم توفر المادة ورأس المال والإمكانات التي وفرتها حكومتنا الرشيدة لأمانات وبلديات المناطق في بلادنا إلا أن كل تلك الجهود لم تشفع أبدا لإيجاد حلول جذرية لمشكلة التخلص من النفايات بطرق صحيحة، وبقيت الطريقة البدائية الوحيدة التي تقوم بها بلديات، وأمانات المناطق مقتصرة على التعاقد مع شركات ومؤسسات النظافة لجمع ونقل النفايات من الطرق، والشوارع لأماكن حددت سلفا على أطراف المدن القريبة من التجمعات السكانية لحرقها، ودفنها بباطن الأرض دون الاكتراث بخطورة تلك الطريقة حاضرا، ومستقبلا على صحة السكان وسلامة البيئة، وركزت أمانات، وبلديات المناطق كافة جهودها على زراعة الحدائق، وتشجيرها وسط المدن وبعض أطرافها بالأشجار الجميلة، والأزهار المتفتحة النضرة الزاهية، وبالمقابل حددت على أطرافها الأخرى محارق يتم فيها حرق، ودفن هذه النفايات باعثة للمدن القريبة، والتجمعات السكانية سحبا داكنة سوداء يستنشق دخانها الجميع بمن فيهم مرضى الربو، والجهاز التنفسي ومطلقة أسراب الذباب الذي لا ينقطع هدير أجنحتها ناقلة الأمراض، والميكروبات والجراثيم لتوزعها لاحقا على السكان بالمجان غير آبهة بدخان معدات البلديات والأمانات التي تتنقل بين الأحياء السكنية لنفث الدخان الآخر الكثيف الذي هو عبارة عن ماء، وديزل لمحاولة طردها وإخافتها، بعد أن تتم عملية الحرق بهذه المحارق للنفايات يتم تحريكها بالمعدات الثقيلة ، ودفنها بباطن الأرض، وعند هطول الأمطار تتحرك هذه النفايات بفعل السيول متجهة للآبار، والمزارع والأودية التي تمر عبر المدن، والقرى القريبة لتنتقل فيما بعد لأماكن أبعد وتختتم النفايات دورتها غير الطبيعية لتستقر، وتختتم مشوارها داخل أحشاء البشر زارعة الأمراض والأوجاع والمعاناة التي لا حدود لها، العالم يتقدم وعجلة الحياة تدور بسرعة والاختراعات تغزو الكون، وبلدياتنا وأماناتنا ثابتة مكانها بلا حراك تجمع نفاياتنا، وتحرقها وتعيدها لنا على شكل أمراض وأدخنة، وجراثيم.