- قلة الحظ تلازمنا عند دراساتنا الجغرافية والتاريخية لمواقع الاستيطان والحضارات السائدة والبائدة في بلادنا، حيث يجب أن نأخذ بمناهج البحث العلمي في الدراسات الآثارية، واستقصاء سير الحضارة وتطورها، مستلهمين المعارف والخبرات التي وفرتها حركات الكشف الجغرافي والتاريخي في العصر الحديث، والفحص والاستقراء الذي يقودنا إلى ثوابت وقوانين علمية يقينية صارمة، تؤسس لأحكام قاطعة مهما اضطربت الحقائق وقلت المصادر، وهذا ما أثرته وكتبت عنه قبل نحو 20 عاما، حين طالبت بتحديد موقع ومكان "سوق حباشة" نظرا لاختلاف الآراء حول الموقع، رغم أن أغلب المقولات والحفريات والشواهد الآثارية والتاريخية تؤكد أن "حباشة" سوق للأزد.

يقول الأزرقي صاحب كتاب "أخبار مكة " "حباشة سوق الأزد، وهي ديار الأوصام من بارق، من صدر قنونا وحلي".

ويقول البلادي "يقع في بلاد بني المنتشر في خثعم"، ويقول حسن الفقيه :"يقع في بلاد بالقرن وبالحارث". وكل هذه المواقع من القبائل والديار تقع في منطقة عسير، سواء كان الموقع في أزد التهائم أو السراة.


يقول حمد الجاسر متحدثا عن أزد شنوءة: "شنوءة جبل معروف في عسير" .. ونظرا لتعدد الآراء وكثرة الأماكن الجغرافية حول السوق ،فقد وجه أمير منطقة عسير الأمير "تركي بن طلال " بعقد اجتماع يضم عددا من المؤرخين في عسير ، ومكة المكرمة لتحديد موقع السوق، بحضور دارة الملك عبدالعزيز ووزارة السياحة.

- مكونات العمارة التقليدية في عسير، متعة عقلية وقيمة تعليمية ،فهي بسيطة ومعقدة في نفس الوقت.

يقول معماري سعودي: "عندما اقتربنا من تفاصيل العمارة العسيرية، اكتشفنا أنها عمارة متوازنة إنشائيا وثقافيا واجتماعيا، وتندمج مع عمقها الطبيعي بشكل مذهل". نحن نعيش طفرة عمرانية غير مسبوقة ،فما أجمل أن نستلهم الفضاءات العمرانية المحلية وثوابتها ،وتأسيس قاعدة معلوماتية معمارية في منطقة عسير ،تنطلق منها الدراسات التخطيطية لما يستجد من مشاريع مستقبلية تؤصل للبناء التقليدي وسماته ولو بالشكل الخارجي ،مع التأكيد على سن أنظمة تؤكد على أن التصاميم يجب أن تراعي الطراز التقليدي لمنطقة عسير ذات الإمكانات السياحية الهائلة.

إن استلهام الموروث العمراني يشكل ارتباطا وانسجاما مع نسيج الثقافة المحلية ،والتناغم البصري مع الطبيعة والخصوصية الهندسية الفطرية ،كما رأينا ذلك في مبنى إمارة منطقة عسير ، وجامع الملك عبدالعزيز ، ومبنى المؤسسة العامة للتأمينات، والغرفة التجارية.

- الفن التشكيلي هو محصلة للقيم المعرفية والجمالية والخبرات الأسلوبية التي يختزلها ويمتلكها الفنان ،وتكفل له تحديد مساره الفكري ،ومنطلقاته ومفاهيمه من خلال تجلياته وأنساقه وتنويعاته واشتغالاته وتحولاته، داخل مدارس الفن التشكيلي، وقد استطاع فنانوا منطقة عسير التشكيليون أن ينتموا إلى كثير من المذاهب والمدارس التشكيلية سواء كانت "واقعية ،تكعيبية،

تجريدية، تعبيرية، رمزية، مستقبلية، سريالية"، فمنهم من استطاع تحقيق رؤية مبهرة ومضمون تأملي أخاذ وحضور مبهج وراسخ ،ومنهم من وقع فريسة للتسطيح والإجترار والتناسخ وفجاجة الطرح، وقد باركنا توظيف واستثمار أمانة منطقة عسير لقدرات وإمكانات بعض المبدعين من الفنانين من خلال رسم وتدوين لوحاتهم على بعض "جدران وشوارع مدن المنطقة"، فما أجمل أن تقرأ روح وسجل وهوية كل مدينة وأنت تسير في شوارعها العامرة بذلك الإبداع، ولكن هناك لقطات لم ترق إلى ملامسة الذائقة الطبيعية حين أبصرت جدارية في "ممشى " المشهد في مدينة أبها إنها مجموعة من الوجوه "البورتريه " المعتمدة على الغرابة والوحشية وتهشيم المألوف ،حيث نشأت هذه المدرسة في زمن "النازية" والحروب اللامتناهية من خلال اشتغال الفنان على هزيمة الوجوه والفتك بها وتشويهها.

ترى هل تعرض هذه اللوحات قبل تنفيذها "الإسكتش "أي مسودة العمل على الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بعسير "جسفت" لكي تطلع على العمل قبل تنفيذه، ولكي تبدي رأيهابالإجازة أو الرفض.