ابتسمت ابتسامة صفرا، وبغيت أخليها كمان سوداء واخبصها، بس قلت يا راجل لا يزعلوا الاتحادية، أحسن زعلهم قريب بس بصراحة رضاؤهم أقرب، ومشيت ووجدت بائع أسكريم، قلت خليني أشتري اسكريم وأبرد على قلبي بعد ماكهربوا مزاجي، وفِي طريقي قابلني زيد وعبيد آخرين، وعلي طول وين يوجعك، إيش فيك إنت خرفت ولا بعقلك، قلت ليه، ردوا، إنت بالله عليك مو عارف ليه، إنت رجعت نونو؟ رديت كيف نونو، وأنا شايب «بقرونو».. فرد عبيد: واحد في منزلتك ماشي في السوق وتأكل اسكريم، فين الوقار والاحترام، ايش يقولوا عليك ماشي في مول وفيه من هب ودب، وقاعد تلحس الأسكريم بلسانك، قلت المرة الثانية ابشروا راح ألحسه بخشمين وايش فيها يعني الاسكريم من الممنوعات.. طالع فيني باستغراب، وقال لرفيقه الأخ بيتريق كمان، أقلك امشي لا يضحك علينا الناس، هذا شكله تزهمر.
سكت ومشيت، وإذا بواحد شاب، سلم، وقال إنت مش عّم فلان من مشجعي النادي «X» وكنت في العمل الفلاني، رديت نعم أنا الذي تهببت في الوظيفة الفلانية، وواصل ممكن أتصور معك، طبعا هو لابس بنطلون وقميص مزركش، وحالق شعره، مثل موضة هذه الأيام، قلت تفضل، وصورنا سلفي، وأرسل صورتنا إلى أصدقائه، وأنه فخور تصور مع رجل معروف ومحترم، على حد قوله طبعا، وليس علي قول الناس اللي عاوزين جنازة، ولو كذابة ويشبعون فيها لطم، وهواة النقد على الفاضي والفاضي، لأنه ما في عندهم شيء مليان.
شوية والرسائل ترف علي الواتس بن جوال، إنت إيش سويت، هزأتنا قدام العالم، واللي يسوي واللي ما يسوي. خير، والله أنا من البيت للمول ولا رحت محل ثاني، ردوا الأصدقاء أو الإخوة الأعداء، هي دي المصيبة، متصور مع واحد قد بزورة بزورتك في مول وكمان من شباب دي الأيام، ومظهره يخجل، لا وبيدك ايسكريم مو عيب عليك.. تركت المول وأنا أضرب أخماس في اتساع، لأنه ما تكفي الأسداس، ومشيت أردد بصوت عال، يا ناس سيبوني في حالي، ودي أعيىش بعيداً عن الوظيفة والبرستيج الكذاب، ونفشة الديك الرومي التي علي غير سنع، وإن المسؤول ليس كعامة الناس. فقد كان موظفا قد الدنيا، وعليه أن يحافظ علي ذلك الشرف الرفيع من الأذى، ولو سال علي جوانبه الدم.
يا خلق الله أنا إنسان بسيط أبغي أعيش بقية عمري، كأي فرد في المجتمع، ارحموا موظفا خلع عباءة المرتبة والمقام، وتركها لكم، البسوها ولو علي غير مقاسكم قيفوها، حلال عليكم.
ثم صمت رفيقي، فقلت وكيف تصرف بعدها، رد سألته نفس السؤال فقال، صرت ما أفصخ الغترة والعقال إلا عند الحلاق وأرفض التصوير مع أي بني آدم، وإذا شفت واحد من الشباب جاي من طريق أطير زي العصافير، وأنا أشهد أن معظم هؤلاء الشباب ذوو قيمة فكرية ورأي وإبداع وإنجاز، وأفضل بكثير من بعض المحنطين الذين لا رأي ولا بصيرة، وكونهم تماهوا مع بعض الموضة مثل أجيال سبقت، لا يقلل من قيمتهم ولا يعيبهم، لكني أهرب من وجع الدماغ وعمى البصيرة، أيضاً آخذ معي شريط لاصق، فإذا قربت من محلات الأطعمة والذي منه أضع اللاصق على فمي عشان سد الحنك وللاحتياط أشيل مشلح في السيارة وحبتين ليمون بدل العطر، عشان أصير في نظرهم على قد المقام.
والظريف بعد ما شافوني كدا، قالوا باين عليه اتجنن، خلوا أهله ينتبهوا له ويدسوه في البيت حتى لا يفضحنا، وأنا أقول تعقيباً علي كلام صديق صديقي، ولمن لامه على سجيته وتلقائيته، انظروا بصدق إلى دواخلكم فهناك من الأفعال الكامنة والمتحركة في الصدور والتي تخجل من نفسها. والتي ترتقي بالنسبة لها أفعال خوينا العفوية والإنسانية إلى درجات سمو الأخلاق ورقي الصفات وتواضع الكبار.