إن أهمية مدينتنا الخضراء «ذا لاين» ليست فقط في أنها تحافظ على %95 من طبيعة «نيوم» البديعة، وليست فقط في أنها تستخدم %100 طاقة متجددة كمصادر للنقل والكهرباء والتقنية، ولكن أيضاً تكمن أهميتها المتفرّدة في أنها تعتبر النموذج الحقيقي العصري للمدن النظيفة الخالية من الانبعاثات الكربونية والغازات الدفيئة الأخرى، والخالية أيضاً من أي مصدر من مصادر تلك الانبعاثات كالسيارات والطائرات والمحركات الكربونية بشكل عام. وأنتم ترون الانبهار العالمي بنموذج مدينة «ذا لاين». فالبنية التحتية لمدينة «ذا لاين» تتكون من شبكة مواصلات تحت الأرض نسميها (سباين) تتصل مع بعضها البعض بطريقة فريدة ونظيفة، معتمدة على الذكاء الاصطناعي لتنقل كل إنسان في المدينة إلى مبتغاه في ظرف 5 دقائق كحد أقصى، فيما يخص احتياجاته اليومية. أيضاً يمكن للسكان استخدام وسائل مواصلات (هايبرلووب) سريعة تصل ساكني المدينة ببعضهم في ظرف دقائق عبر مسافة 170 كلم، وهي مسافة عرض المدينة الحالمة. كما تبرز مدينة «ذا لاين» من السماء بصورتها الطبيعية العذرية الرائعة، حيث الجبال الشامخة والشواطئ الفيروزية والأشجار الكثيفة التي تغطي المدينة من السماء، والمباني الخضراء صديقة البيئة. إن كل شيء في «ذا لاين» يعمل بالطاقة المتجددة، وهي تستفيد من الطاقة الشمسية المتوفرة على مدار السنة لضخ الكهرباء للقطاعات الخدمية والسكنية، وأيضاً الصناعية المتواجدة في منطقة نيوم ومدينة «ذا لاين».
وإذا نظرنا إلى فوائد مدينة «ذا لاين» من الناحية الاقتصادية نرى كيف أنها ضخّت حوالي 400 مليار ريال سعودي، إلى ميزانية المملكة في العام 2030 وغيّرت مفهوم الميزانية العامة للدولة لتصبح أكثر ارتباطاً بالمصادر المستدامة غير النفطية، مثل التقنية والذكاء الصناعي والسياحة والطاقة المتجددة. ونحن نتابع بشغف كمية الابتكارات الهائلة التي أنتجتها مراكز البحث والتطوير والتعليم في مدينة «ذا لاين».
إن مدينة «ذا لاين» تأتي لتكون النموذج السكني والمعيشي للعاملين في منطقة «نيوم» وهي إحدى أهم ركائز اقتصاد المملكة الآن، فهي تعتبر وحدها مصدراً لربع إنتاج الطاقة في المملكة. حيث كان احتياج السعودية من الطاقة بنهاية 2030 حوالي 120 قيقا واط من الطاقة، نصفها تم إنتاجه من مشاريع الطاقة المتجددة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية في نيوم ومشاريع دومة الجندل و12 مشروعاً آخر للطاقة النظيفة متوزعة في مناطق المملكة. بينما تم إنتاج 60 قيقا واط الباقية من مصادر الطاقة الأحفورية، معظمها من الغاز الطبيعي، وتحديداً من حقل الجافورة العملاق الذي يحتوي على أكثر من 200 تريليون قدم مكعب من الغاز الرطب، وهو ما وضع السعودية ثالثاً على مستوى العالم في إنتاج الغاز الطبيعي.
وعند الحديث عن الطاقة فإن دور مدينة «ذا لاين» أصبح حديث العالم فهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتحولات الجارية الآن في أسواق الطاقة، فالعوامل الرئيسية الأربعة المؤثر مباشرة على مستقبل الطاقة هي نمو التعداد البشري الذي سيبلغ 9.5 مليارات نسمة بعد 20 سنة من الآن أي في عام 2050، مقارنة بما هو عليه اليوم 8.3 مليارات نسمة أي بزيادة %14 لمجموع سكان كوكب الأرض، أيضاً الانخفاض المتوقع في إنتاج الطاقة من الفحم الحجري، الذي يمثل حالياً %12 من مصادر الطاقة عالمياً، وهو المسؤول عن %25 من معدلات ثاني أكسيد الكربون في الهواء CO2، والتوقف المتوقع خلال 5 سنوات في قدرة إنتاج النفط الصخري الخفيف LTO، وأخيراً الطفرة الصينية والهندية الحضارية والتقنية التي ستمثّل ما نسبته %40 من مجموع الناتج المحلي العالمي في 2045م، مقابل تراجع إجمالي الناتج المحلي الأوروبي بمقدار %17، في حين سيتضاعف مجموع إجمالي الناتج المحلي العالمي مما هو عليه الآن ومنه بلا شك إجمالي الناتج المحلي السعودي.
إن كل هذه العوامل الأربعة من زيادة كبيرة في سكان كوكب الأرض، وانخفاض الاعتماد على الطاقة الأحفورية، والطفرة الشرقية والهندية جعلت مدينة «ذا لاين» المدينة الحلم للعيش والابتكار والتطوّر وتطوير المدن العصرية الخضراء الصديقة للإنسان والبيئة. وبعد نجاح نموذج مدينة «ذا لاين» هل ستتحول الدوّل تباعاً إلى تغيير النموذج المدني نهائياً لمحاكاة مدينة «ذا لاين»؟ هذا ما سنعرفه في العقدين القادمين إن شاء الله.